كان فتح مكة أهم فتح للإسلام والمسلمين، أكرم الله به نبيه خاصة والمسلمين عامة، فقد جاء هذا الفتح المبارك بعد سنوات متواصلة من الدعوة والجهاد لتبليغ رسالة الإسلام، فتوج مرحلة مهمة من مراحل الدعوة الإسلامية، فحصل بهذا الفتح الخير الكثير، فبه أعز الله الإسلام وأهله، وبه استنقذ مكةالمكرمة، والبيت العتيق من أيدي الكفار والمشركين، وبه دخل الناس في دين الله أفواجا، وأشرقت الأرض بنور الهداية. ومما أسفر عنه هذا الفتح العظيم تحطيم وإزالة رهبة قريش من قلوب قبائل العرب، التي كانت تؤخر إسلامها لترى ما يؤول إليه حال قريش من نصر أو هزيمة، فبعد الفتح دخلوا في دين الله أفواجا. وكان من فوائد هذا النصر المبارك زيادة إيمان المؤمنين بتحقق وعد ربهم، دخول البيت والطواف به، بعد أن منعهم منه المشركون، فقال سبحانه: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون} فحضي المسلمون بشرف حماية البيت وخدمته، مما جعل لهم من المكانة عند العرب نظير ما كان لقريش من قبل، بل وأعظم، فخضعت جزيرة العرب للحكم الإسلامي ، وأصبحت الجزيرة مركزا لنشر الدين الجديد وانطلقت الجيوش المسلمة الفاتحة لنشر دين الله في كل الأصقاع. لقد كانت انتصارات المسلمين الأولين انتصارات عقيدة بلا مراء، وكان النصر من أول ثمرات هذه العقيدة، انتصر المسلمون بالعقيدة الراسخة، وهي اليوم غائبة عنهم فذلوا وهزموا، غاب عنهم النصر منذ تراجع الإيمان في قلوبهم. ولا نبعد عن الصواب إذا قلنا إن فتح مكة يحمل من الدلالات والفوائد والعبر ما لا يحيط به كتاب فضلا أن يحيط به مقال كهذا، لأهميته في تاريخ الإسلام، ولمكانته في مسيرة الدعوة إلى الله سبحانه. أحمد معمور العسيري