عكست السوق العقارية كل التوقعات وأبحرت باتجاه سلسلة من الارتفاعات السعرية الجديدة. وشهد الشهران الماضيان موجة مضاربات حامية في مخططات منح الرياض ومخططات جوهرة العروس ومخططات شرق السريع. وتبدلت الخريطة العقارية لمخططات منح أبحر، إذ اصبحت تلك المخططات مقسمة إلى جزءين رئيسيين تقريبا: الجزء الأول، وهو الجزء السكني ويتمثل في المخططات الواقعة بين شارع الشاليهات ومخططات البندر وبالبيد والشاطئ الذهبي إلى شارع الأمير عبد المجيد وما جاوره من مخططات شمالا، مثل مخططات بايزيد والنسيم وبقشان... إلخ، بينما الجزء الثاني من المخططات، هو مخططات المضاربات العقارية ويتمثل في مخططات مثل 99ج س ومخطط 29 ج / س ومخطط 3/ج/ س. وقد بدا واضحا خلال الشهرين الماضيين رحيل اختياري لعدد كبير من مضاربي أبحر باتجاه مخططات منح الرياض، بسبب عدم التضخم السعري لمخططات منح الرياض، الذي ما لبث أن تصاعدت فيه الأسعار وبشكل دراماتيكي مثير. مخططات جوهرة العروس واصلت هذه المخططات الزحف السعري بشكل متوازن نوعا ما، وإن شهد البعض من مخططاتها البالغ 42 جزء موجة مضاربات سعرية كبيرة. ولكن وبشكل عام لا زالت هذه المخططات تجتذب شريحة كبيرة من المشترين من خارج مدينة جدة، إذ تصنف حاليا بأنها الأقل سعرا مقارنة بمخططات أبحر، إضافة إلى ما تشهده المنطقة من موجة إشاعات محمومة ساهمت وبشكل كبير رفع مستوى التداول العقاري هناك. وبعكس ذلك وجدنا أن هناك شريحة من المستثمرين العقاريين وليس المضاربين يقومون بعملية شراء انتقائية بقصد الاستثمار للمدى المتوسط بحدود الخمس سنوات المقبلة. وبشكل عام تشير التوقعات إلى أنه ربما تمر السوق بحالة من التباطؤ في التداول في شهر شوال المقبل قد تدخلها لاحقا في حالة الركود. مخططات أبحر الشمالية بعكس المرحلة السابقة لم تعد مخططات أبحر مخططات جاذبة للمضاربات العقارية، وكما أسلفنا سابقا فإن جزءا من المنطقة تحول للشراء بقصد السكن، ونسطيع أن نقول إن 45 في المائة من مخططات ابحر الشمالية أصبحت جاذبة للسكن في ظل استمرار إدخال خدمات البنى التحتية والمتمثلة في شبكة الصرف الصحي والسفلتة والإنارة إلا أن شريحة أخرى من مخططات أبحر الشمالية استمرت بها المضاربات العقارية، ولكن بشكل هاديء، وتركزت في المخططات الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي والشمالي الغربي للمنطقة رغم دخول شريحة قليلة كان توجهها الشرائي للاستثمار المستقبلي خلال الثلاث سنوات المقبلة وما ساعدهم على ذلك سلسلة المقرات الرسمية لبعض الكليات الجامعية. مخططات منح الرياض شهدت هذه المخططات موجة ارتفاعات سعرية هي الأكبر في مخططات مدينة جدة نتيجة مضاربات عقارية حامية مدفوعة بعدد من العوامل، منها الشراء الكبير لشركات كبيرة لمواقع مجاورة لهذه المخططات بقصد تطويرها والاستثمار فيها خلال الفترة القصيرة. أيضا دخول سيولة كبيرة من المضاربين الذين كانوا سابقا يضاربون في مخططات أبحر، وكذلك دخول سيولة مماثلة من مخططات كانت ستكون مسرحا ضخما للمضاربات العقارية الحامية، إلا أن ظهور مشاكل على صكوك للأراضي، إضافة إلى استمرار أعمال السفلتة في أجزاء من هذه المخططات. ومن المتوقع أن تتباطأ موجة المضاربات العقارية بعد العيد، بعد أن استنفدت الكثير من أهدافها. مخططات منح عسفان وما جاورها رغم أن هذه المخططات كانت قبلة توجه الشراء للاستثمار والشراء بقصد المضاربة، إلا أن ظهور ازدواجية في الصكوك أضعف كثيرا من مستوى تداولها خصوصا بعد أن تأكد الجميع من امتناع أمانة مدينة جدة في إصدار رخص بناء جديدة، إلا أن انتهاء مشكلة الصكوك في المنطقة سيدفع بشريحة من المضاربين للاتجاه لهذه المخططات مرة أخرى، خصوصا في ظل التوجه العام لإنشاء مقار حكومية خلال السنوات القليلة المقبلة. مخططات شرق الخط السريع واصلت هذه المخططات مثل العزيزية والصالحية وما جاورها، موجة الشراء التي يقوم بها كل من المستثمرين والمضاربين، وهو ما أدى إلى رفع نسبي للأسعار، أما المطورون العقاريون فتوجهوا لمخططات مثل الهدى والحمدانية من أجل إنشاء مشاريع استثمارية، وهو ما أعطى الدلالة الكبيرة لتحول هذه المخططات إلى مخططات سكنية، وبالتالي ستختفي تدريجيا سيولة المضاربات في المنطقة. مخططات منح الهجرة واصلت هذه المخططات مستوى التداول المتوازن ودخلت سيولة كبيرة بقصد الشراء الانتقائي، وما أعطى الاطمئنان لهذه المخططات والمتعاملين بها جدية الحكومة في إنجاز مشروع المدينة بوقت قصير، ما جعل الشراء للاستثمار خلال الخمس سنوات المقبلة يكون قرارا حكيما، رغم أن الأسعار تضخمت وبشكل كبير. داخل مدينة جدة تباين أداء السوق العقارية في داخل النطاق العمراني في مدينة جدة بتباين وتنوع المنتجات العقارية، فالفلل على سبيل المثال ومن خلال المخططات المعروفة بها مثل أحياء البساتين وجوهرة ولؤلؤة المحمدية شهدت ركودا واضحا على مستوى التداول العقاري، والأمر نفسه ينسحب على العمائر السكنية الجديدة. أما على مستوى شقق التمليك فقد شهد مستوى التداول بها نشاطا معتدلا مدفوعا بالموسم السياحي الصيفي لمدينة جدة. وحافظ الطلب الكبير على الأراضي السكنية في داخل المدينة على مستواه الكبير في ظل ارتفاع محدود للأسعار وصل إلى 20 في المائة ببعض الأحياء، نتيجة الندرة في المعروض من هذه الأراضي والطلب العالي من المطورين العقاريين الفرديين (المقاولين). ويتوقع استقرارا سعريا خلال الأشهر المقبلة لهذه الأراضي، كذلك وفي حال توجه السوق إلى موجة من الركود خلال الشهرين المقبلين، من المتوقع أن تشهد الأسعار للعمائر والفلل وشقق التمليك تراجعا سعريا قد يصل إلى 15 في المائة. وأخيرا تسيطر موجة من التخوف على المتعاملين في السوق، نتيجة انتفاء المحفزات في السوق واستمرارها في الاحتفاظ بالأسعار العالية، فهل تدخل السوق العقارية نفق الركود أم يستمر مخالفا للتوقعات.