كلما سأل المجتمع متعجبا مستغربا عن حكم تعزيري صادر ضد فرد أو جماعة، إما لقسوة الحكم مقابل الذنب أو الجريمة وإما لتساهل ورخاوة الحكم، فإن الجواب الحاضر الذي يواجه التعجب والاستغراب هو أن الحكم التعزيري متروك لتقدير ناظر القضية وحسب ما يراه بعد سماعه لتفاصيل القضية ولذلك تتفاوت الأحكام الصادرة بين القسوة المتناهية وبين الرخاوة المتناهية أيضا، وقد أدى هذا التباين الشديد الواسع في بعض الأحكام التعزيرية إلى الدعوة لتقنين تلك الأحكام، لأنه لا يكفي القول بأن الأحكام التعزيرية متروكة لتقدير نظار القضايا مادام أنه قد لوحظ تفاوت وتباين بين الأحكام التعزيرية الصادرة في مخالفات أو جرائم متقاربة، وليس كل ناظر قضايا يتمتع بذكاء وعلم القاضي إياس، بل إن واقع الحال يؤكد أن كثيرين من نظار القضايا من أصحاب الاجتهاد والأجر الواحد، وأن بعض اجتهاداتهم في مجال الأحكام التعزيرية ربما تؤدي في بعض الأحيان إلى سوء تفسير حول بعض الأحكام التعزيرية، بل قد يصل الأمر إلى وجود علامات استفهام على مستوى دولي عن مصادر تشريع بعضها بما ينعكس سلبا على سمعة القضاء والأفاضل من القضاة، ولذلك كله فلا بد من التوجه فورا نحو تقنين الأحكام التعزيرية وعدم ترك مجال واسع للاجتهاد ذي الأجر الواحد لما ينتج عن القسوة أو التساهل في إصدار الأحكام من أثر سلبي بالنسبة لأصحاب القضية وبالنسبة للمجتمع الذي حصلت فيه القضية وصدرت فيه الأحكام، فإذا قننت الأحكام أصبح التقنين مرشدا أساسيا لناظر القضية في إنزال الحكم المناسب عليها فلا يكون هناك بون شاسع في الأحكام في قضية واحدة أو متشابهة، وهو الأمر الذي يحصل حاليا ويكون مصدرا لعلامات استفهام قد تمس هيبة القضاء الإسلامي نفسه وتجعله أحاديث وتشجع بعض الذين في قلوبهم مرض على التجديف ضد الأحكام القضائية واتهامها بالقصور عن مجاراة العصر إلى غير ذلك من الافتراءات التي يكون سببها التباين الشديد في بعض أحكام التعزير، وإذا كانت الحاجة إلى تقنين الأحكام الشرعية في الماضي تأخذه صفة التأني فإنها في الوقت الحاضر تقتضي عدم التردد في وضعها المسارعة إلى تحقيق ذلك خدمة للقضاء الشرعي وللعدالة والمتاقضين. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة