زار أحد الأصدقاء دولة من دول أوروبا الشرقية التي كانت تعتنق المذهب الشيوعي الإلحادي الذي لا يؤمن بالأديان ولا بوجود إله، وتطبق الاقتصاد الماركسي، فلاحظ الزائر أن تلك الدولة على الرغم من انهيار النظام الشيوعي ودخولها في النظام الرأسمالي لم تزل متخلفة جدا قياسا بدول أوروبا الغربية وأنه لم يشفع لها دخولها في منطقة اليورو أن تنال حظها من التقدم فنقل ملاحظته إلى صاحب صالون حلاقة عايش فترة الشيوعية، وكان الصديق قد تعرف على صاحب الصالون لأنه أصبح يرتاد صالونه خلال زيارته ويسأله عن أحوال وطنه باللغة الإنجليزية التي يجيدها الطرفان فيجيبه بما يعرفه، فلما نقل للحلاق وملاحظته فسر ما لاحظه الزائر من تخلف اجتماعي وحضاري مستوطن تفسيرا موضوعيا بسيطا، إذ قال الزائر إنه على سبيل المثال كان في زمن الشيوعية إذا جمع حصيلة يومه من الحلاقة فليس له الحق في استخدام تلك الحصيلة لمصلحته بل يوردها مرغما إلى صندوق الدولة أولا بأول ويأخذ مقابلها ما يكفيه من غذاء وكساء ودواء بموجب بطاقات تموين ومسكنه مجاني وجميع خدمات السكن الأساسية من كهرباء وماء وتدفئة مجانية والمواصلات كذلك مجانية، ولكن نادرا ما يملك الناس سيولة يستطيعون بها الإحساس بالمنافسة وشراء ما يودون شراءه من ملابس وأطعمة ولذلك ساد الحياة والعمل الخمول، حتى إن ذلك الحلاق نفسه كان يجلس في صالونه فإن أعجبه الزبون حلق له وإن لم يعجبه أو ناسبه الكسل أشار للزبون بأنه مشغول، لأنه لن يستفيد مما قد يدفعه الزبون، حيث سيأتي المحصلون الماليون لإفراغ خزانة الصالون من أية مبالغ نقدية لصالح الدولة، وهكذا أهمل الحلاق مهنته وفعل النجار مثله والتاجر والمزارع والمعلم والمهندس، لأنه قد تساوى في تروس الماركسية من يعمل ومن لا يعمل فانهار الاقتصاد وتعطلت التنمية وساد الحياة الرتابة والوجوم حتى انهار النظام الشيوعي والاقتصاد الماركسي بعد سبعين عاما من الإلحاد والنظريات الاقتصادية الفاشلة المصادمة لطموح الإنسان وتطلعه إلى حياة أفضل وقد جاء الآن النظام الرأسمالي بجبروته ليحل محل الاقتصاد الماركسي برتابته ولكن الأجيال التي تربت على الاتكالية والرتابة وفقدان الحافز إلى العطاء تحتاج إلى روح جديدة وتربية جديدة حتى تستوعب وتساير المتغيرات وتلحق بركب الحضارة المادية وذلك يحتاج إلى عدة أجيال ولذلك ترانا لم نزل نرزح في حقول التخلف خلافا لبقية دول أوروبا.. هكذا أنهى الحلاق الشيوعي السابق تفسيره لما تعانيه دولته من تخلف مقيم! وقد نقل لنا صديقنا ما سمعه من ذلك الحلاق واستفدنا منه على الرغم من بساطة المصدر لأن المعايشة هي أصدق مصدر! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة