مسجد الحي أو الحارة لا يبقى مكانا للصلاة فحسب في رمضان، بل هو المكان الذي يجتمع فيه أهالي الحي قبل وبعد الصلوات لقراءة القرآن والذكر والاعتكاف، وتقام فيه موائد الرحمن التي تجمع الصائمين على الإفطار. وفي جازان يحافظ الأهالي على عادة سفرة مسجد الحارة، ويعتبرونها من العادات الرمضانية التي لا تندثر وتنتقل من جيل إلى آخر. وسفرة المسجد عادة ما تكون عامرة بكل ما لذ وطاب من أنواع الطعام والفواكه والتمور والماء والعصائر. وأحيانا تمتد السفرة بين شوارع الحارة لخمسة أمتار أو أكثر. ويتسابق الأهالي من الشباب وكبار السن يوميا على إعداد سفرة المسجد وتحضيرها قبيل موعد أذان المغرب، ويتوسط السفرة المغش والقطبية واللحوح وأقراص الخمير، وهي من الوجبات المحببة لدى كبار السن في جازان. ويتذكر المفطرون في المسجد من أهالي الحي آباءهم وأجدادهم الذين صاموا الشهر تحت أسقف الطين وظلال الأشجار بحثا عن البرودة في وقت تصل فيه الحرارة إلى درجات عالية خلال شهر رمضان في سنوات ماضية. وفي الماضي كان يجتمع على سفرة مسجد الحارة الفقراء والمحتاجون من مجاوري المسجد أو عابري السبيل، وهذا هو الهدف الأسمى من وراء سفرة المسجد، واليوم يجتمع حولها أهالي الحي والعمال الصائمون بمختلف أجناسهم ولغاتهم. ومن مزايا سفرة الحارة أنها تساهم في تعريف أهالي الحي من المواطنين والمقيمين من أبناء الجاليات ببعضهم، ويؤكد عدد من أبناء الجالية المصرية في جازان أن التجمع في مسجد الحي من العادات التي يحرصون عليها، وأنها أحيانا تنسيهم الغربة والبعد عن الأهل وتبعث في نفوسهم روحانية الشهر الكريم في كل مرة يجتمعون على سفرة المسجد.