لماذا يفرض على مشاهدي التلفاز طابعا معينا من المسلسلات في رمضان؟ ولم يضطر كثير منهم إلى مشاهدة نفس النمط التمثيلي كل عام في نفس الوقت؟ وإلى متى يجاهد كثير من المشاهدين أنفسهم للضحك على مشاهد متكررة وشخصيات يمكن توقع أسلوب أدائها السخيف قبل بداية أحداث الحلقة؟ ولماذا يستمر أحدهم في تقديم العمل بالإطار الفني نفسه دون تجدد أو تطوير؟ ومن أعطى أحدهم الحق في الاستخفاف بعقول كثير من المشاهدين وتجاهل حسهم الفني، والاستهزاء بوعيهم الدرامي؟ ولماذا الإصرار على تقديم الشخصية السعودية بصورة أقرب إلى السذاجة، وبشكل نمطي يشير إلى الهمجية في السلوك والتخلف في الأخلاق، والإفراط في استعمال الأيدي والأرجل عند الحديث والتعامل، فإما أقرع مهبول، أو أشعث الشعر مهووس، أو مجرد شخص «حونشي». هل خلى مجتمعنا من شخصيات أخرى نقدمها واجهة لنا على شاشة التلفاز ليشاهدها الملايين؟ وهل أصبحت الكوميديا أو الدراما مرتبطة بشخصية هزلية بدائية تصر على الظهور بالرغم من تجاوز وعي الجمهور لها منذ سنوات؟ وإلى متى يتعرض كثيرون لمشاعر الإحباط والغبن من مشاهدة بعض تلك الحلقات الفارغة شكلا ومضمونا؟ ولماذا تدور أحداث الحلقة حول فكرة غريبة غير مقنعة، تصور بأسلوب رديء بطيء ممل، ينتهي باستفزاز الذوق السليم؟. ولعل في بعض المسلسلات العربية والأجنبية الأخرى، تسلية لكثير منا، وعزاء لبعضنا ممن غلبهم الأسى من محاولات بعض الأفراد الذين جمعتهم «هواية» التمثيل وأوقات الفراغ، وأنتجوا مسلسلا أو فيلما بما «تيسر» من إمكانيات بشرية ومادية وتقنية، وتناسوا أن الأعمال التلفزيونية والسينمائية صناعة قائمة بذاتها، تعكس واجهة حضارية على قدر كبير من المسئولية. فبعض الأعمال الجيدة، تقدم للمشاهدين وجبة فنية مستساغة، في إطار درامي راقٍ، وحبكة إخراجية، ولقطات تصويرية خلابة، تحترم عقول المشاهدين، وتبدع في إقناعهم بدراما الموقف، وتوصل رسائل ثقافية وأخلاقية، تناقش بعض المشكلات الاجتماعية، وتشارك في بناء جيل يتذوق الفن الرفيع ويعي معاني الأدب، بأسلوب شيق وجذاب. [email protected] * استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم