من لا يعرف ذاته يطحن كرامته بالكذب المختصر، بعبارة الضعف والصغار والجبن والغموض يغطي حقيقة يلعب لسانه دور البطل فيها، لقد قلبت مقاييس الأخلاق، نبيح لأنفسنا الكذب ونصب اللعنات لمن يستخدم الكذب، نعم جميعا نستطيع الكذب إلا الأتقياء أصحاب الوشاح الإيماني، ولعلنا لا نثير حفيظة المجتمع الشرقي إذا اعترفنا بأننا عاطفيون نتأثر بظروف لحظه فنستملح الكذب ونتورط فيه ولا نستطيع التخلص منه، حالة معرفة الحقيقة يتم تفسير الوقوع فيه على حسب هوانا، وإرضاء لنزوة انتهت !! لا أعلم هل هو قصور في مدى الإدراك للنتائج؟ أو أن العصمة مستحيلة على البشر !! لقد أصبحنا نعيش الحياة أكواما من السكون والحذر حتى في تبادل المشاعر الطيبة. من حتميات ما أراد قلمي ذكره، أن المجتمع يسير في اتجاه معاكس تتولد معهم الكذبة البيضاء ومشتقاتها، وتنعدم خطوط الثقة وتصدأ حلقة التقارب بين جميع الأطراف بقدر الإمكان، فعلى سبيل المثال في الهاتف الخلوي تظهر تباينات الكذب والتحفظات في قائمة الأسماء.! تارة في إطار الخوف من وحدة المواجهة مع الطرف الآخر يتم تحريف الاسم من فلانة إلى فلان والعكس، وهذا شيء مضحك لأنه يدخل تحت مسمى الكذبة البيضاء، أو كذبة المصلحة .لكن هل بهذا التصرف نصل إلى درجة واحد على مائة من الرضا عن ذاتنا أو ندخل في التشكيك في عقولنا أم هو في الأساس تجاهل لنباهة الطرف الأخر ؟ لو حاولنا تفسير وقوع المجتمع في هذا التصرف لتبين لنا أمران: الأول أن الجميع يحب الهروب من ضغوط الحياة التي تعصف به، إلى أحلام اليقظة التي تداعب مشاعره فترة بسيطة ترسم له كتلة السعادة الوهمية التي تشعره بعجز ذاته في تغير واقعه. فيسترسل في الكذب بفوضوية لم يكتمل إطاره في واقعه. الأمر الثاني أن بعض الآباء فرشوا أحلام الكذب لفلذات أكبادهم بدون قصد وطاعة عمياء في عدم الوفاء بالوعد مع الأبناء أو استخدموا أبناءهم أداة كذب ضمن إطار (مالي مزاج بمكالمة فلان أو عدم الترحيب بقدومه). بكل أسف رسموا معالم الضياع بشكل عفوي ليعيشوا تحت سقف واحد تحت عالم التناقضات والاستنكار أمام أكثر من علامة استفهام لماذا يكذب؟ وكأننا نسينا أننا نعيش مع بعضنا تحت خط طفيليات الشعور بالخداع وعدم الثقة التي تولد مع كل مولود.