اندثرت عادات وتقاليد رمضانية كثيرة تحت وهج الحضارة، ومن تلك المظاهر الشعبية؛ الأهازيج والمسحراتي. إلا أن الصور الرمضانية تبقى متنوعة في المدينةالمنورة كغيرها من مدن المملكة، في هذا الشهر المبارك، وذلك بين عادات خاصة ومتميزة ومشاهد جميلة منها كثافة الحركة حول المسجد النبوي الشريف. و قديما كان أهالي طيبة الطيبة يحتفون باستقبال شهر رمضان منذ بداية شهر شعبان، وكان الأطفال يحتفلون بقدومه بالتجمع ليلة 29 شعبان، وترديد بعض الأهازيج القديمة ومنها «جابوه ما جابوه» كناية عن هلال الشهر، ويستمر تجمع الصغار حتى سماع أصوات المدافع معلنة حلول شهر رمضان، وعندها يذهب الجميع لتقديم التهاني للأهل والاستعداد لأول سحور. روحانية ويصف إبراهيم بن يوسف عبده أحد كبار السن في المدينةالمنورة الروحانية العظيمة في شهر رمضان وأيامه المتميزة وطعمه المنفرد، مشيرا إلى أن شهر رمضان تتضاعف فيه الروحانية والتميز بوجود المسجد النبوي الشريف وتوافد أعداد كبيرة من الزوار والعمار. وقال: إن لنا مع هذا الشهر ذكريات جميلة.. وكبار السن لا زالوا يتذكرون الأهازيج التي كنا نرددها ونحن صغار قبل قدوم الشهر، وهي لوحة شعبية تجسد فرحتنا بهذا الشهر.. حيث نجوب شوارع وحارات المدينة القديمة ونردد كلمات بسيطة لازلت أذكرها، وأحن إليها لأنها تذكرني بأول سنوات العمر وتذكرني بأصدقاء كانوا معنا ورحلوا عنا». مسحراتي ويتذكر عبده صادق مدرس متقاعد من كبار السن وهو يستعيد ذكريات شهر رمضان، العديد من المظاهر الرمضانية الشعبية القديمة التي قد يكون بعضها اندثر تحت وهج الحضارة ومن تلك المظاهر التي اختفت منذ سنوات ويعتبرها من مميزات هذا الشهر «المسحراتي بطبلته الصغيرة»، حيث كان لكل حارة وحي مسحراتي خاص، يجول في الساعات الأخيرة من كل ليلة من ليالي الشهر في نطاق حارته حتى لا يدخل في نطاق الحارات الأخرى، ويحمل طبلة صغيرة يطرق عليها بدقات مميزة وينشد أهازيج جميلة بصوت شجي ينادي من خلالها المواطنين لتناول طعام السحور داعيا الله لهم بالقبول وبسحور هنيء. وكان المسحراتي يطرق أحيانا على أبواب بعض السكان لإيقاظهم من النوم، ويقدم له الأهالي بعض النقود والطعام أو يدعونه لتناول السحور معهم، ويستمر المسحراتي بأداء مهمته حتى آخر ليالي شهر رمضان حيث يقدم له الأهالي «العيدية» وهي عبارة عن ملابس وزكاة الفطر وبعض المال، إلا أن هذه الصورة انقرضت وأصبح الناس لا يحتاجون لخدمات المسحراتي مع تطورات العصر وتغير نمط الحياة بالسهر إلى الفجر. موائد الخير ومن الصور الاجتماعية التي تتميز بها المدينةالمنورة أيام شهر رمضان انتشار موائد الخير، حيث تشهد المدينةالمنورة خلال الشهر المبارك انتشار الموائد الرمضانية في ساحات المسجد النبوي الشريف، وداخل أروقته، وهي متنوعة حيث يكتفي داخل المسجد النبوي الشريف بتقديم التمر والماء والقهوة والخبز فقط للمحافظة على النظافة العامة، أما خارج المسجد فإن الموائد المقدمة في الساحات المحيطة تشتمل على العديد من الأطباق المتنوعة وشتى أنواع العصائر والأرز وغير ذلك من الأطباق التي يجتمع حولها المفطرون.