لاحقت غضبة مسؤولين وسيدات بارزات في البيت الأبيض يعارضون التطبيع مع الخرطوم، مبعوث الرئيس الأمريكي سكوت غريشن وهو يغادر واشنطن إلى السودان، لكن حال وصوله حقق اختراقا في اتجاه حلحلة التعقيدات المتعددة بين طرفي الحكم المتقاطعين في الخرطوم. ففي جوبا، عاصمة جنوب السودان، انجز غريشن مهمة جوهرية تتمثل في اتفاقية وقعها طرفا الحكم (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) التزما فيها بتسريع تطبيق بنود اتفاقية السلام. ومن بين 12 نقطة خلافية، اتفق الطرفان على تنفيذ 10 نقاط، مع ترحيل النقطتين المتبقيتين إلى اجتماع يعقد في سبتمبر المقبل بحضور غريشن. وتتعلق النقطتان بنتيجة التعداد السكاني التي تقول الحركة الشعبية أنها غير صحيحة بينما تصر الحكومة على صحتها، كما يدور الخلاف حول ماهية من يحق لهم الاستفتاء بشأن مستقبل جنوب السودان: سكان الجنوب الموجودون في المنطقة، وهذا ما تتمسك به الحركة، أم كل الجنوبيين سواء كانوا في الجنوب أو الشمال، كما ترى الحكومة التي يسيطر عليها المؤتمر الوطني. وقال سكوت غريشن، إن روحا طيبة سادت خلال محاولة الوصول إلى اتفاقية بين الجانبين، مضيفا أن ما تحقق يعبر عن نوايا الطرفين على تجاوز جميع المصاعب على طريق اتفاقية السلام الشامل. وكان المبعوث الأمريكي يتحدث في جوبا في ثالث زيارة له لهذه البلاد، غادرها آخر مرة تاركا انطباعا جيدا لدى سلطات الخرطوم، لكنه عندما وصل إلى بلاده أثار ضجة لا تزال آثارها ماثلة حتى الآن، عندما دعا إلى رفع العقوبات عن السودان وإزالة اسمه من القائمة الأمريكية للدول الداعمة للإرهاب. وقد لقيت دعوته انتقادات حادة من قبل هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية وسوزان رايس المندوبة الأمريكية في الأممالمتحدة. لكن عودة غريشن الأخيرة للسودان، رغم الدعوات بإقالته، تفيد بأن المهمة متواصلة وأنه على الأقل يحظى بدعم الرئيس الأمريكي الذي يدفع بتصور جديد لسياسته الخارجية يعتمد على الدبلوماسية أولا، هو أمر لا يرضي الكثيرين في واشنطن خصوصا تجاه السودان. وبدا أن غريشن سعيدا باتفاقية جوبا، وهو يتطلع إلى إنجاز آخر بشأن السودان، حيث يتضمن برنامجه لقاءات مع عدة فصائل من دارفور بغرض توحيد رؤاها ضمن خندق واحد استعدادا لمفاوضات مع الحكومة يؤمل أن تعيد السلام إلى الإقليم المضطرب الذي يشهد صراعا مسلحا منذ أكثر من ست سنوات.