عندما واصلت في هذه الزاوية قبل أسابيع المطالبة بأن يكون للراحل طلال مداح أو لاسمه على الأقل ولتاريخه الحافل أو له كفنان وإنسان أسعد الجميع بطربه وفنه شارع في جدة فوجئت بعدد المستهجنين للفكرة متصاعدا وكأن الرجل لا يستحق هذا الواجب وهو أول ما يمكن أن يكون سببا لتخليد اسمه.. بينما ظننت أن الكل كان من المفترض أن يكون موافقا بل أن الأمر لديه يصل حد الأمنية لأنه لابد أن في وجدان كل منا «شيء من طلال». تذكرت كل ذلك وأنا أراجع في ذاكرتي إلى أي مدى تحترم تلك المجتمعات مبدعيها بل كل مبدع في العالم أيا كان مرجعه وعدت إلى كلام جميل قاله لي رائد الفن التشكيلي السعودي الراحل عبد الحليم رضوي الذي حكى ويحب أن يحكي هذه الرواية.. قال: كنت على كاونتر جوازات عاصمة أوروبية فما أن قرأ رجل الجوازات أن المهنة «فنان تشكيلي» وكلمة فنان وحيدة أو (فن) عند الغرب تعني التشكيل بشكله الأشمل رسم ونحت وغيرها.. حتى قام ليحيني ويعرفني على زملائه في الكاونترات الأخرى.. هكذا هم يجلون ويقدرون الفن والفنان.. وحكى لي غيره ما يشبه ذلك لكن الذاكرة شاخت وأذكر أنه كان موسيقيا يتحدث عن موقف مشابه حيث أخذه رجل الجوازات إلى مضافة خاصة وتحدثوا معه حول فنه وموسيقاه.. أناس مثل هؤلاء يتعاملون مع فنانينا العرب بهذه الدرجات من التقدير ألا تحفزنا تصرفاتهم لأن نكرم فنانينا ومبدعينا ونحتفي بهم أكثر من أن يكون احتفاؤنا بهم بابتسامة وأخذ صورة بجوارهم، اعتقادا أن ذلك من شأنه رفع معنوياتهم وتكون المصيبة أكثر لو أن الصورة وطلب التصوير جاءا حسب قوله: كي أريها لأحبتي وأطفالي أنني جوار (فلان) وأنني التقيت به. وعندما نتكلم عن الفنان هنا.. بطبيعة الحال نقصد الفنان الحقيقي..الفنان صاحب التاريخ العظيم والإحساس الذي لا يخالطه شك في أن الرجل مفعم بالفن والمشاعر الصادقة وليس مجرد مصادف للنجاح والشهرة أيا كان السبب؟ فاصلة ثلاثية يقول الشاعر: إن النساء متى ينهين عن خلق فإنه واجب لا بد مفعول ويقول شوقي: مالي بتربية النسا فإنها في الشرق علة ذلك الإخفاق الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ويقول المثل الفرنسي: ثلاثة قدور في النار تدل على فرح وثلاث نساء في منزل تدل على مأتم