الإعلام يرحب دائما بمساهمات المتابعين واقتراحاتهم، والدليل المساحات المتروكة للقراء في الصحافة المطبوعة وللمشاهدين والمستمعين في الإذاعة والتلفزيون، ولكن المعادلة تغيرت بعد الإنترنت، فلم يعد الجمهور بحاجه إلى الصحافي أو الإعلامي لإيصال صوته أو موقفه، ويكفيه فقط أن يفتح مدونة باسمه أو يسجل في موقع إلكتروني ليكتب أو ينقل ما يريد، والمؤسسات الإعلامية في الدول الغربية انتبهت للموضوع من البداية، واستثمرت في شعبية بعض الشخصيات النتية بالأسماء «الحركية» أو «الصريحة»، واستخدمتها في تسويق أعمالها الصحافية، وفي الدعاية أو استمالة العالم الافتراضي المفتوح إلى خطها السياسي أو في النشر الواسع لما ترغب في تحويله إلى قضية رأي عام، أو حتى في تصفية الخصوم والمنافسين أو الإساءة لهم، ويقال إنها ذهبت إلى ما هو أبعد ووظفت مجموعة منهم براوتب ثابتة أو مقطوعة ، مقابل الحصول على خبر جديد، أو إعادة نشر أخبارها القديمة وتحليلها في منابر الإنترنت، وهذه الطريقة حققت نتائج مرضية نسبيا وأثبتت جدواها في أكثر من مناسبة. قيام الناس العاديين بأدوار إعلامية، ليس طارئا أو جديدا، وقبل عبد الله العويد و«إذاعة طامي» السعودية في سنة 1960، نشر توماس بين (1737/1809) إصدارا صحافيا في القرن الثامن عشر الميلادي، عارض فيه الاستعمار البريطاني لأمريكا أو ما يعرف حاليا بالولايات المتحدةالأمريكية، وكتب باري أرتيست(2007) أن المشاهد الفلمية الأبرز في حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي سنة 1963 صورها مواطنون أمريكيون لا علاقة لهم بمهنة التصوير، وليسوا محترفين أو صحافيين، ونشر مارك غلاسر، مسؤول التحرير الأول في «ميديا شيفت» يوم 27 سبتمبر 2006 كلاما أكد فيه على أن مشاركة المواطن أو الهاوي في العملية الإعلامية، لم يعد ترفا كما كان في التسعينات وإنما أصبح ضرورة، وفي اعتقادي، أن الإعلامي الذكي هو من يتنازل عن بعض امتيازاته ويشرك جمهوره في أعماله، وللعلم ف«ميديا شيفت» موقع إلكتروني مهم ومفيد جدا، والموقع يركز على الإعلام الجديد وتطوراته، ويتبع شبكة «بي بي إس» التلفزيونية. سياسة النشر الرقمي المفتوح ولدت أولا في موقع «إندي ميديا» الدولي، الذي بدأ مع المظاهرات الأمريكية ضد مؤتمر منظمة التجارة العالمية في «سياتل» الأمريكية سنة 1999، ويضم الموقع في عضويته صحافيين مستقلين من جميع أنحاء العالم، ويسمح للزوار بالنشر، وبشرط أن لا تكون موادهم أخبارا مكررة أو مقالات رأي أو نصوص إعلانية، وأن لا تنطوي على شبهة انحياز أو تعنصر أو عبارات جارحة ومتشنجة بحق الموقع أو من يكتب فيه، والمسؤولية الكاملة في النهاية يتحملها ناقل الخبر وليس الناشر، وقرأت في الركن الفلسطيني «الهادى» الموجود في «إندي ميديا» خبرا غريبا نشر في 12 اغسطس 2009، نقلا عن الإذاعة الإسرائيلية، يقول الخبر بأن محكمة عسكرية في إسرائيل، عاقبت جنديا إسرائيليا بالحبس سبعة أشهر ونصفا، لأنه سرق «بطاقة ائتمان» من فلسطيني أثناء الحرب على غزة، والمحكمة نظرت في الدعوي استنادا إلى شكوى تقدم بها الفلسطيني، ذكر فيها أنه فقد «بطاقة الائتمان» خلال تفتيش جنود إسرائليين لمنزله، والجندي ضبط بمجرد استخدامه للبطاقة، وما سبق منقول عن متحدث باسم جيش الدفاع، والجندي المتهم بالسرقة يعمل في لواء «غيفاتي» الإسرائيلي، و هو لواء مشاة رمزه «الثعلب» وقبعات أو «بريهات» جنوده «بنفسجية»، وكاتب الخبر عربي واسمه «سعيد بنورة»، و لا أجد تعليقا..! الإنجاز الأبرز الذي يسجل ل «الإعلام الجديد» هو أنه نقل عمليا سلطة التأثير وتوجية الرأي العام من الناشرين والمعلنين إلى عامة الناس، وقلل إلى حد ما، من فرص المحاباة أو المجاملة المبالغ فيها بين الصحافة والنخب ، وفي أخبار المحتوى المفتوح، مثلما لاحظ أكسل برونز في كتابه: «غايتواتشينغ 2005» لا توجد قيود تحريرية صعبة أو أولويات سياسية أو تجارية، ومن الأمثلة رسائل «تويتر» القصيرة أو ما يعرف باسم «تويتس» وشهرتها في نقل المسكوت عنه في مظاهرات الإيرانيين ضد الانتخابات الإيرانية، مع أن الرقيب الإيراني أقفل الأبواب والنوافذ وقطع الماء و«الكهرب» وكتب دان غيلمور (2004) بأن الجماهير تعرف في العادة أكثر مما يعرف أهل الإعلام، وأنه لابد من الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم والبناء عليها، واتفق تماما مع هذا الرأي، في ظل التدهور المستمر في مصداقية الإعلام المؤسسي أو التقليدي، عربيا كان أم غربيا، وانشغالة بالهموم السياسية الكبيرة على حساب الناس ومشاكلهم اليومية الصغيرة والخطيرة في نفس الوقت إذ أهملت، ومن أبواب التعاون بين الجمهور والإعلام، تأسيس شكل من أشكال العلاقة الدافئة والشفافة والبسيطة مع آحاد الناس، وبصورة تجعلهم عين للإعلام على مجتمعاتهم، وهؤلاء منهم من هو قريب من رجال السياسة والشخصيات العامة، ومنهم الطبيب والمحامي والمهندس والمحاسب وغيرهم، وقد يعرفون أشياء لا يستطيع الإعلام معرفتها مهما حاول، وربما أشار إليهم في أخباره بالمصادر العليمة أو القريبة أو المطلعة، والعمل الأخير يحتمل الجاسوسية لو تعاملنا معه بسوء نية، رغم أنه بعيد عنها بطبيعة الحال فالصحافة لاتمارس أعمالها داخل الغرف المغلقة، والصحافي «فضيحة» و«ثرثار» بطبعه، ويمكن للموقع الإخباري اللجوء إلى «دبلوماسية قوائم المراسلات» ومراسلة المشتركين في خدماتة الإخبارية، للاستفسار أو طلب تأكيدات عن حوادث غير عادية حصلت في أحيائهم أو مدنهم أو مناطقهم أو دولهم، وبالتأكيد سيتطوع أكثر من شخص ويؤكد أو ينفي أو يزيد أو يقدم شهادة خاصة عما جرى أو يجري، وقد أظهرت إحصائية صدرت في مطلع سنة 2007 ثقة معظم الأمريكيين في الدور الإيجابي الذي لعبه الإنترنت، وانه أسهم في رفع مستوى المعالجات الإعلامية لمختلف القضايا، وقرأت في مكان آخر أن كل قارئ تخسره الصحافة المطبوعة يكسبه النت كاتبا أو قارئا. كل رمضان وأنتم ومن تحبون بألف خير. binsaudb@ yahoo.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة