كان للخبر الذي نشرته بعض الصحف المحلية عن مباشرة ثلاثين امرأة سعودية، العمل في الخدمة تحت إشراف ورقابة مؤسسة للتوظيف في ظل شروط وظروف بيئة عمل محددة، وقع مختلف على أذهان الناس، منهم من رأى فيه أمرا نافعا ينتشل النساء اللاتي لا عائل لهن من الفقر، بعد أن ضاقت بأعدادهن الجمعيات الخيرية وعجزت عن استيعابهن مكاتب الضمان الاجتماعي، ومنهم من رأى فيه امتهانا للمواطنات وزجا بهن إلى التعرض لتحرشات سكان المنازل من الذكور. وقد تبارى الكتاب والمعلقون في إبداء وجهات نظرهم حول هذه القضية المثيرة! وما أظنها لتكون كذلك لولا جدتها، فامتهان المرأة أو تعرضها للتحرش قديم وموجود حين تجلس للتسول عند أبواب المساجد أو المحلات التجارية الكبرى أو تطوف بين السيارات عند إشارات المرور، لكنه هذه المرة جاء في ثوب جديد مختلف عن الثوب القديم، الذي ألف الناس منظره واعتادوا على لبسه فاستكانت له نفوسهم وما عاد يسبب لها هلعا أو حساسية. على أية حال، التعليقات الفردية لا تهم فهي لا تمثل سوى رأي أصحابها، ولكن ما يهم ما كان منها صادرا عن جهة رسمية قريبة الصلة بالموضوع فقد جاء في صحيفة الرياض عدد الاثنين (12 شعبان 1430ه) أن مدير مكتب العمل في جدة ذكر أنه سيتم الرفع إلى إمارة منطقة مكةالمكرمة وإلى الجهات العليا بشأن المؤسسة التي وظفت (سعوديات) عاملات، لاتخاذ الإجراءات المناسبة متى ثبت حقيقة قيامها بذلك! حين قرأت هذا الخبر تساءلت بيني وبين نفسي، ما الذنب الذي وقعت فيه هذه المؤسسة؟ شغلت عاملات في خدمة المنازل؟ أليس أمرا مشروعا تشغيل العاملات في المنازل؟ أم أن العاملات هذه المرة من بنات البلد؟ ولكن منذ متى كانت مشروعية العمل مرتبطة (بالجنسية) وليس بطبيعة العمل في حد ذاته؟ ما الذي يجعل العمل في الخدمة مشروعا حين تؤديه نساء غير سعوديات ومنكرا يعاقب على فعله متى أسند القيام به إلى مواطنات؟ إن كان ثمة نخوة ومروءة تربأ بالمواطنات أن يكن عاملات فلتربأ بهن أيضا من الوقوف بعد منتصف الليل عند إشارات المرور للتسول أو غيره، ولتربأ بهن من التردد المهين على مكاتب الضمان تحفى أقدامهن وما جادت عليهن بشق تمرة. إن كان مدير مكتب العمل أغضبه أن تعمل المواطنات في المنازل، فليشمر عن ساعده ليوفر لهن البديل، فلا يدع واحدة منهن تتضور جوعا أو تسيح في الطرقات كبومة ليلية، وليسمح لي إن قلت إنه في تعقيبه هذا بدا منطبقا عليه القول المتداول: (لا يرحم ، ولا يخلي رحمة الله تنزل) لقد دفع به حرصه أن لا يوصم مكتبه بالتهاون في معاقبة من تسبب في تشغيل النساء في عمل (رآه مهينا) إلى أن ينسى أن النساء أنفسهن ماكن ليقبلن بهذه الوظيفة، لو أن مكتب العمل تبناهن وأعانهن على الحصول على أعمال أخرى تصون إنسانيتهن وتحفظ كرامتهن وتقيهن من الوقوع في الزلل، أما وهو لم يفعل، فليصمت وليدعهن يبحثن عن لقمة عيش شريفة تغنيهن عن ذل السؤال أو كسب حقير. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة