طوى «أبو رامي» صفحة سوداء قاتمة من تاريخه أمس مودعا بلا رجعة لقب مدمن سابق، وتوغل إلى حياة مشرقة جديدة بعد سنوات من الألم والارتياب ونظرات الناس القاسية، ورسم أمس أول الملامح في مستقبل جديد، برغم دخوله عتبة الستين من أوسع أبوابها، ودشنت جدة الحياة الجديدة للعائد من الإدمان، العم أبو رامي، الذي افتتح مطعمه الشعبي في أحد أشهر شوارع عروس البحر الأحمر، ليؤكد لمن حوله ولمن أصابتهم لوثة الإدمان، أن لا حياة بلا أمل، ولم يكن العائد بمفرده في معركة العودة إلى المجتمع، إذ وقف معه مساندا ومشجعا، مركز المشاريع الصغيرة في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني إلى جانب تمويل مقدر من بنك التسليف والإدخار بمتابعة ومثابرة من مستشفى الأمل في جدة. حياة وأمل جديد أبو رامي الذي تجاوز الستين من «ربيع» العمر، يبدأ الآن حياته الجديدة وكأنه أطل على الدنيا أمس، يستقبل المقبل من الأيام بالعافية المتسدامة، والعزم الأكيد على طي صفحات الماضي، والعمل على بناء قيم جديدة ملخصها الطهر والإشراق والأمل، يقول الرجل ل«عكاظ»: فكرة إنشاء هذا المشروع التجاري، جاءت بعد أن تعافيت من إدمان المخدرات، وتخلصت من حياتها السوداء القاتمة، عشت سنوات من عمري كالتائه والبحار الذي تاه عن البوصلة، عدت مجددا إلى الحياة، شافيا من عالم الأدمان، إن كان هناك من شكر فلمستشفى الأمل، الذي تولى علاجي ورعايتي، ووقف إلى جانبي حتى تجاوزت المرحلة الخطيرة. يضيف أبو رامي بحماس: ما أن تعافيت من الآفة حتى بدأت أفكر في قادم الأيام وضرورة أن أكون عضوا فاعلا في المجتمع وهداني تفكيري غلى تقديم طلب إنشاء مطعم شعبي إلى مركز المشاريع الصغيرة في المؤسسة العامة للتدريب التقني، وبارك مسؤولوها فكرتي، وتفاعلوا مع كل خطواتي، وشهدوا حياتي الجديدة، وبادروا إلى تسهيل حصولي على مبلغ 154 ألف ريال كقرض تمويلي من بنك التسليف. مطعم أبو رامي بدأ نشاطه المتدفق، وظل عدد من المتعافين من رفقاء أبو رامي معاونين مخلصين له في اليوم الأول من افتتاح المشروع، ويؤكد العائد من دنيا الأدمان: سعادتي غامرة لا تحدها حدود، وإحساسي بالحياة فوق الوصف، شتان بين الأمل والتشتت والضياع. لم تكن فكرة المطعم الشعبي لصاحبه أبو رامي نابعة من العدم أو الفراغ، فقد ظل الرجل ممتهنا للطبخ وبيع المأكولات الجداوية الشهيرة مثل الكبدة والتقاطيع والكباب والميرو، ويقول إنه عقد العزم على إعادة المأكولات الشعبية المندثرة إلى المائدة وإذا كانت هذه أول خطوة نحو النجاح وتحقيق الهدف كما يصفها «أبو رامي» فإن العزيمة مازالت متواصلة لافتتاح عدة أفرع، في مواقع عديدة في مدينة جدة، من خلال خطة تسويقية أعدها بالتعاون مع مركز المشاريع الصغيرة. مشرف منزل منتصف الطريق في مستشفى الأمل، عدنان عبد الرحمن، يصف هذا المشروع أنه الأول على مستوى المملكة يتم دعمه من قبل الجهات المعنية، مؤكدا تأثيره الإيجابي على متعافي المخدرات ليكونوا أعضاء صالحين في المجتمع بعد مشوارهم الحافل بالتعاطي والإدمان. ويعلن مشرف منتصف الطريق عن مشاريع ممثالة لمتعافين من المخدرات سيتم إطلاقها قريبا.