أبدى خادم الحرمين الشريفين أمس، تفاؤله بقيام الدولة الفلسطينية وقال: “عاشت الدولة الفلسطينية المستقلة التي أراها بإذن الله قادمة لا ريب فيها، ترفع رايات الحرية في رحاب الإسراء الطاهرة”. وطالب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمس، أعضاء المؤتمر السادس لحركة فتح – بيت لحم – فلسطين “بتوحيد الصفوف ورأب الصدع”. وقال خادم الحرمين الشريفين لأعضاء حركة فتح في برقية وجهها إلى الرئيس محمود عباس رئيس الوطنية السلطة الفلسطينية في مناسبة بدء أعمالهم مؤتمرهم السادس: “إن ما يحدث في فلسطين صراع مروّع بين الأشقاء لا يرضي الله ولا المؤمنين، وأن قلوب المسلمين في كل مكان تتصدع، وهي ترى الإخوة وقد انقسموا إلى فريقين يكيل كل منهما للآخر التهم ويتربص به الدوائر”. وفيما يلي نص برقية خادم الحرمين الشريفين إلى الرئيس محمود عباس: فخامة الأخ الرئيس محمود عباس والإخوة الكرام أعضاء المؤتمر السادس لحركة فتح – بيت لحم – فلسطين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من ربوع البيت الحرام استذكر الآية الكريمة (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير). إنني أشعر أن هذه الآية الكريمة قد أقامت وحدة روحية حقيقية خالدة بين المسجدين ووحدة إيمانية لا تنفصم بين الذين يؤمون المسجد الحرام وبين المقيمين في رحاب المسجد الأقصى، ومن هذا المنطلق تجيء رسالتي هذه من الأرض المقدسة لا تحمل مشاعري فحسب، بل مشاعر ألف مليون عربي ومسلم يشعرون أن قضيتهم الكبرى، قضية فلسطين، توشك أن تدخل نفقا مظلما لا خروج لها منه إن لم تتداركها رحمة الله. أيها الإخوة المناضلون: عندما انطلقت حركة فتح بقيادة الأخ الشهيد المناضل ياسر عرفات - رحمه الله - كانت بمثابة الشعلة التي أحيت الصمود العربي، وحولت اليأس أملا وانتقلت فتح من نصر إلى نصر وتولت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بجدارة واقتدار حتى ارتبط اسمها في الوجدان العربي والإسلامي بالنضال الصلب والكفاح الصادق، وأنا اليوم لا أخاطب فتح الحركة، وإنما فتح الرمز الفلسطيني العربي الإسلامي، وأخاطب من خلال فتح كل الفصائل الفلسطينية وكل مواطن فلسطيني ومواطنة فلسطينية بلا استثناء. أيها الإخوة المناضلون: من طبيعة الأشياء أن يلقى الإنسان العداوة والبغضاء من أعدائه، وأن يخوض معهم المعارك والحروب إلا أنه ليس من طبيعة الأشياء أن يحارب الشقيق الشقيق، وأن يتآمر الصديق على الصديق في مخالفة صارخة للتوجيه الرباني الكريم (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم)، وفي خروج صارخ على كافة القيم النبيلة والمبادئ السامية، إننا نفهم عدوان العدو الغادر الغاشم، وحقد الحاقدين، ومؤامرات الحاسدين، ولكننا لا نفهم أن يطعن الشقيق شقيقه، ولا أن يدب القتال بين أبناء الوطن الواحد رفاق السلاح والمصير المشترك. أيها الإخوة المناضلون: إن ما يحدث في فلسطين صراع مروع بين الأشقاء لا يرضي الله ولا المؤمنين، إن قلوب المسلمين في كل مكان تتصدع وهي ترى الإخوة وقد انقسموا إلى فريقين يكيل كل منهما للآخر التهم ويتربص به الدوائر، وأصارحكم أيها الإخوة أن العدو المتكبر المجرم لم يستطع عبر سنوات طويلة من العدوان المستمر أن يلحق من الأذى بالقضية الفلسطينية ما ألحقه الفلسطينيون أنفسهم بقضيتهم من أذى في شهور قليلة، والحق أقول لكم أيها الإخوة أنه لو أجمع العالم كله على إقامة دولة فلسطينية مستقلة ولو حشد لها كل وسائل الدعم والمساندة لما قامت هذه الدولة والبيت الفلسطيني منقسم على نفسه شيعا وطوائف، كل حزب بما لديهم فرحون. أيها الإخوة المناضلون: أذكركم ونفسي بقوله عز وجل (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) وبقوله جل شأنه (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). وإنني باسم إخوانكم في مهبط الوحي، وباسم إخوانكم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أذكركم بإيمانكم ومواثيقكم المغلظة يوم اجتمعتم في البيت الحرام أمام الكعبة المشرفة، إنني استحلفكم بالله، رب البيت الحرام، أن تكونوا جديرين بجيرة المسجد الأقصى وأن تكونوا حماة ربوع الإسراء، استحلفكم بالله أن يكون إيمانكم أكبر من جراحكم، ووطنيتكم أعلى من صغائركم، استحلفكم بالله أن توحدوا الصف وترأبوا الصدع وأبشركم إن فعلتم ذلك بنصر من الله وفتح قريب، وهو سبحانه القائل ووعده الحق (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). أيها الإخوة المناضلون: عشتم وعاش الشعب الفلسطيني موحدا أبيا، وعاشت الدولة الفلسطينية المستقلة التي أراها بإذن الله قادمة لا ريب فيها، ترفع رايات الحرية في رحاب الإسراء الطاهرة. وكان المؤتمر السادس لحركة فتح التأم في مدينة بيت لحم أمس، بمشاركة ما يناهز الألفي عضو، وغياب كوادرها في غزة، ممن رهنت حركة حماس السماح لهم بمغادرة القطاع بإفراج فتح عن معتقليها في الضفة الغربية. ويناقش المؤتمر، الذي يعقد لأول مرة منذ 20 عاماً في الأراضي الفلسطينية، انتخاب اللجنة المركزية علماً أن غياب أعضاء غزة قد يرجح كفة بعض المرشحين لمركزية حركة فتح. وتتضمن أجندة المؤتمر، مناقشة خيار النضال المسلح ضد إسرائيل، واعتماد برنامج يميز فتح عن حركة حماس التي ترفض مطالب غربية بنبذ العنف، وبسطت سيطرتها على قطاع غزة بعد مواجهات مع الأولى. ويدعو ميثاق فتح، منذ تأسيس الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات لها في 1965، إلى النضال المسلح حتى تحرير فلسطين. وإلى ذلك، بين استطلاع للرأي أجراه «مركز التنمية المجتمعية للدراسات والإعلام» ونشرته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» عشية المؤتمر، حصول رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس على المرتبة الأولى بنسبة 100 في المائة لعضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، تلاه في المرتبة الثانية محمد غنيم (أبو ماهر) بنسبة (95%)، وفي المرتبة الثالثة عباس زكي (أبو مشعل) بنسبة (93%)، وفي المرتبة الرابعة أحمد قريع (أبو العلاء) بنسبة (91%). ووصف عباس عقد مؤتمر فتح بعد عشرين عاماً على أرض الوطن بأنه يوم تاريخي، مضيفاً: «كنا نتمنى أن جميع من لهم الحق في المشاركة في المؤتمر أن يحضروا، ولكن تبقى غصة في قلوبنا أن أهلنا في قطاع غزة لم يمكنوا من ذلك». وعلى صعيد مواز، نفت حماس تلقيها عرضا من حركة فتح بالإفراج عن كل معتقليها في سجون الضفة الغربية مقابل السماح بسفر أعضاء فتح في غزة للمشاركة في المؤتمر. وقال الناطق باسم حماس سامي أبو زهري في تصريح نشره المركز الفلسطيني للإعلام، تعقيبا على تصريحات القيادي في فتح نبيل شعث المتعلق بهذا العرض، إن حركته لم تتلق أي عرض بهذا الشكل. وأردف: إن أقصى ما عرض علينا هو الإفراج عن عدد محدود من معتقلي الحركة، قبل بدء المؤتمر مقابل السماح بسفر وفد فتح، فضلا عن الإفراج عن عدد آخر فيما بعد. واسترسل قائلا : «لم نقبل بهذا العرض؛ لأننا جربنا حركة فتح». وكان القيادي في فتح نبيل شعث قد صرح في مقابلة تلفازية له، أن حماس رفضت عرضا بإطلاق سراح كل معتقليها في الضفة مقابل السماح بسفر أعضاء فتح من غزة. هذا، وقد أبدت مصادر حيادية تفاؤلها بالخروج بنتائج تتفق والمرحلة المأزومة التي يمر بها الملف الفلسطيني برمته وبسقف سياسي يحافظ على الحقوق والثوابت الفلسطينية على الأرض، لتتجاوز مآزق التشرذم والعمل ضمن خندق واحد يلم جميع الفلسطينيين تحقيقا لهدفهم الأساس مجسدا في الدولة وعاصمتها القدس.