أحد الأصدقاء يعشق لعبة التخيير من مبدأ «حيره.. خيره»، وتتمنى في لحظة التخيير أن لا تدخل في متاهة التفكير؛ لأن الخيارات في كثير من الأحيان تتأسى بقول الشاعر «ما حيلة المضطر إلا ركوبها»، فكل خيار متاح أعقد وأصعب من الثاني. تذكرت صديق التخيير وأنا أقرأ ما تعرض له الزميل العكاظي قايد آل جعرة في منطقة نجران، واحتجاز الشرطة له أثناء أداء واجبه الصحافي في تغطية الخلاف القائم بين الأهالي والجهة المنفذة لمشروع سد وادي حلال، بسبب وجود مقبرة قديمة في الموقع. زميلنا قايد تعرض إلى لعبة التخيير من محتجزيه، وخياراتهم كانت: إما أن تكتب تعهدا بعدم نشر الصور الملتقطة، أو حياك الله في التوقيف.. وسكت هنا الخبر دون حاجة إلى الإكمال؛ لأن المسألة لا تحتاج إلى خيارات، ولكن من باب عدم الإجبار لطف رجال الشرطة الأجواء بإضافة خيار ثان، على الرغم من معرفة الجواب سلفا. أسلوب التخيير ليس جديدا في ممارستنا وما نتعرض له في كل يوم، فحتى تطبيق الأنظمة أصبح التخيير حاضرا فيها، فرجل المرور عندما يستوقف قائدا لمركبة «مظللة»، يطرح عليه خياراته: إما أن تفك التظليلة أو ستأخذ قسيمة، وشباب «الكدش» مؤخرا عندما تستوقفهم دورية أمنية تخيرهم: إما «الموس» أو التوقيف، والمشكلة حينما يمارس التخيير بشكل لا مباشر في بعض الدوائر الحكومية الخدمية عند الاعتراض أو الشكوى، فتطرح الخيارات مسبوقة دائما بعبارة «هذا النظام» ثم: إما أن تسكت أو «الباب يسع جملا»، وهكذا نتفنن في طرح خيارات تنافس خيارات جورج قرداحي والفرق أن «مخير» جورج قد يربح، و«مخيرنا» وإن تعددت خياراته يفتش عن أقل الخسائر أو يستعين بصديق نسميه «واسطة» لإلغاء جميع الخيارات!. كل شخص فينا معرض إلى وقوعه في لعبة التخيير، ولذلك أسلك طريقا ينصح به هو الإجابة على المخير «القوس قوسك والسهام سهامك» وأن لا نكثر الحديث أو الجدل، فالمسألة في حقيقتها ليست خيارا بمقدار ما هي إجبار مغلف بأشكال التعددية والديمقراطية والرأي والرأي الآخر، ولو صادفت يوما لا قدر الله من ترك لك حرية الاختيار فستجده حول خياره يدندن مستبدلا التخيير إلى تجيير يصب في مصلحة اختياره.. أو كما قال الراحل نزار قباني: «إني خيرتك فاختاري.. مابين الموت على صدري، أو فوق دفاتر أشعاري.. اختاري الحب أو اللاحب، فجبن أن لا تختاري»، والله يا نزار إذا الدعوة فيها «جبن» فسجلني أول الجبناء في مسألة الخيارات. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة