من يتجول في شوارع بلادنا يجد أن كل شارع منها يتحدث إليه، ناسخاً قصة من تاريخنا العريق، وراوياً حكاية من حكايات النجاح والتطور، ومعززاً من ثقافتنا وهويتنا الوطنية الأصيلة، فتغدو تلك الشوارع نوافذ مشرفة على الماضي، والحاضر، والمستقبل.. وهذا الذي أريد إرساله لمعالي وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل. ولأننا «نحلم ونحقق»، ونعيش في زمن لم يعد فيه الخيال بعيد المنال، فقد أصبح ذلك ممكناً عبر تطبيق فكرته تختص بمنظومة «تسمية الشوارع»، بحيث تُوظَّف فيها التقنية عن طريق إضافة رمز الاستجابة السريع (QR Code) إلى لوحات أسماء الشوارع، مرتبطة بقواعد معلومات متعددة اللغات، تقود قراءتها عبر الأجهزة الذكية إلى إظهار معلومات تفصيلية عن تاريخ الشارع، وعن الشخصية أو الحدث أو السبب الذي سمي الشارع لأجله، والمعالم القريبة والأماكن التاريخية والسياحية المهمة، كما يمكن أن تساعد في تسهيل الحصول على الاتجاهات بسهولة إلى وجهات أخرى داخل المدينة عبر ربط المعلومات بأنظمة الملاحة وتحديد المواقع، وإتاحة الوصول إلى الخدمات البلدية الإلكترونية، كتقديم طلبات صيانة الشوارع أو الإبلاغ عن حالات الطوارئ بتقديم معلومات دقيقة عن الموقع إلى جهات الاختصاص، كما يمكن أن توفر معلومات حول الكثافة المرورية في الشارع، والطرق البديلة أو الإصلاحات الجارية. ولا ينتهي الأمر عند إضافة تلك التقنية إلى تصاميم اللوحات الحالية، إذ ينبغي أن تعكس تلك التصاميم عناصر من الثقافة السعودية الغنية، فهي أكثر من مجرد أدوات توجيه، حيث يمكن استخدامها كأدوات تاريخية وثقافية تعبر عن المجتمع، وتحافظ على هويته وثقافته عبر الزمن، كما يمكن أن يسهم التصميم المدروس لتلك اللوحات في الجمالية العامة للمدن ويترك انطباعاً حسناً لدى المستفيدين، خصوصاً أن المملكة مقبلة على استضافة مناسبات عالمية مهمة وأحداث عالمية كبرى مثل «اكسبو الرياض 2030»، و«كأس العالم 2034». لذا، فإن استخدام هذه التقنية مقرونة بتصاميم لوحات تعكس ثقافتنا وهويتنا ليست ترفاً، بل حاجة ملحّة في زمن ذكاء المدن، تقدم فوائد تقنية وتنظيمية كبيرة، تساعد في تحسين تجربة التنقل داخل المدن وتعزيز جودة الحياة فيها وتزيد من جمالها، خاصة أننا نعيش عصراً متسارعاً ومتجدداً من التحول الرقمي والانفتاح الثقافي، حيث يشكل التحول الرقمي الأساس الذي تقوم عليه مبادرات المدن الذكية التي تسعى المملكة إلى تطويرها، بدعم لا محدود من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حفظهما الله.