أو (العبودية الجديدة) هي ما يمكن أن تكون شعاراً لمرحلتنا التاريخية، بالنسبة لنا في المملكة كان متجر الأثاث الشهير الذي لا يقدم خدمات تركيب الأثاث للزبون أول التحام بيننا وبين الخدمة الذاتية. وكانت هذه سابقة لحقتها الكثير من الشركات ومحلات التسوق وسلاسل المطاعم الشهيرة. في أوروبا وأمريكا وجميع أنحاء العالم المتقدم ستبدأ في خدمة ذاتك منذ أن تقف قدماك في المطار، ستصبح العميل الذي يقدم خدمات مجانية لأصحاب المحلات. بينما يتوقع المستهلك من الشركات تقديم خدمات الرد الآلي بشكل فعّال وسرعة التجاوب مع رسائله وشكاواه سواء عبر الإيميل أو عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، تهمل أو تؤجل الكثير من الشركات تطوير هذا الجانب من الخدمة وتسعى إلى تقليص عدد العاملين ومقدمي الخدمة وجعل المستهلك شخصياً يقدم الخدمة لنفسه. الخدمة الذاتية ليست أسرع في الواقع، وليست أفضل في الواقع، إنها مجرد رأسمالية تقتطع دقائق من عمل العميل لكسب المال. الرأسمالية التي تنطلق من فلسفتها أغلب الشركات إن لم يكن جميعها تقول إن الإنجاز والنجاح هو حينما تكسب الكثير من المال دون الحاجة لموظفين. لأن هؤلاء الموظفين يطالبون بشكل مزعج بثمار عملهم كل آخر شهر، فأنت ستنجح حتماً لو جعلت المستهلك يقوم بدور الموظف. وكم هو أمر رائع لو جعلته يدفع رسوماً لهذه الخدمة الذاتية! وبشكل عام، أنا لا أرى أن «التقدم» الذي أحرزه البشر هو تقدم على الإطلاق، بل إنه صعود الحياة الاصطناعية. وهو صعود سريع وغير محسوب العواقب. لم يعد الإنسان المعاصر سيداً لمصيره أو لرفاهيته، بل هو خادم على نحو غامض للحياة الاصطناعية وللشركات والبنوك.