في عام 1978، وتحديداً في ديربي جدة بين الأهلي والاتحاد، رفض لاعبو الفريقين الدخول إلى الملعب بسبب انتشار شائعة قوية بسرعة البرق بأن الفريق الذي سيدخل أرضية الملعب أولاً سيخسر المباراة بسبب (الدنبوشي)، وبعدها تدخل حكم المباراة وطلب من لاعبي الفريقين أن يدخلوا الملعب في وقت واحد وأن يمسك كل لاعب بيد زميله من الفريق الآخر أثناء الدخول وانتهت المباراة بالتعادل بهدفين لمثلهما. ولكن يظل السؤال: ما سر وحقيقة (الدنبوشي) الذي ارتبط بأذهان المشجعين منذ العقود الماضية؟ يقول الاستشاري النفسي المهتم بالشأن الرياضي الدكتور محمد السليماني ل«عكاظ»: يشير تاريخ سجل كرة القدم في الدوري السعودي إلى أن عبارة (الدنبوشي) كانت تستخدم لتحقيق الفوز وتجنب الخسارة عبر بعض الطلاسم والشعوذة الوهمية والخزعبلات والدجل، إذ ارتبطت بالديربي والكلاسيكو أكثر؛ كونها مباريات من العيار الثقيل ويتابعها الجميع حضورياً في الملعب أو عبر التلفزيون، وكانت الجماهير كثيراً ما تردد دائماً عند فوز أحدهم وخسارة الآخر بأن الفريق استخدم (الدنبوشي) لتحقيق الانتصار ومنع خطورة الفريق المنافس ومنعه من الوصول إلى المرمى وخط ال18. ودخلت كلمة (الدنبوشي) إلى مصطلحات الكرة في المملكة قبل عدة عقود، ولا يعرف لهذه الكلمة أصل أو مرجع، ولكن هناك مزاعم بأن أصل الكلمة أفريقية دون وجود أي استدلالات مثبتة بذلك، ولكن من كثر تداولها بين الجماهير تكرست العبارة وأصبح لها شأن في الملاعب الرياضية ليس على مستوى الدوري السعودي فقط بل امتدت إلى بطولة الخليج. وتابع: هناك ثلاثة عوامل ساعدت على استشراء كلمة (الدنبوشي) في تلك الحقبة من دورينا الرياضي، الأول ضعف وتواضع الوعي الرياضي لدى الجماهير، وسرعة التصديق بأخبار الوهم والخزعبلات، ثانياً: الاهتمام الكبير بالتشجيع الكروي؛ كونه من أقوى الوسائل الترفيهية وصولاً إلى التعصب الرياضي، ثالثاً: عدم وجود أي مبادرات أو برامج توعوية من الأندية تنفي مثل هذه الخرافات والخزعبلات السائدة في تلك الفترة. وأردف: كانت الأمور المرتبطة بالدجل والخزعبلات تستغل في مجال كرة القدم لنشر الوهم من أجل زرع المخاوف النفسية وتشتيت أذهان اللاعبين والمشجعين، وفي حال هزيمة الفريق المشهور تصبح قصة (الدنبوشي) حقيقة تصدقها الجماهير، وللأسف لم يتوقف الأمر على الجماهير بل أصبح اللاعبون وإداريو الفرق أيضا جزءاً من تصديق حكايات وأساطير (الدنبوشي). وخلص الدكتور السليماني إلى القول: بعيداً عن قصص (الدنبوشي)، فإن الوعي الرياضي والتعبير عن الانتماء والتشجيع الهادئ يحققان التوازن النفسي بين فرحة الفوز وحسرة الخسارة، فالنظرة لعالم كرة القدم بعين الترفيه وقبول الخسارة بروح رياضية عالية تعزز الاستقرار والمتعة النفسية، بينما التعصب الرياضي لدى البعض يقود إلى المشكلات الصحية والنفسية التي لا تحمد عقباها، خصوصاً إذا كان المشجع يعاني من مرض السكري وضغط الدم أو القلب.