•• واقعة ذكرتني ببيت شعري قديم للشاعر الصوفي «الحلَّاج»، الذي انقسم مؤرخو زمنه ومن بعدهم ما بين مُعظِّم لشأنه، ومن يرى خروجه عن الإسلام بأفكاره وأطروحاته.. تساءلت: كيف يمكن أن نفهم لغز بيت شعري يستخدمه بعضنا لمن يضع الآخرين بين خيارين أحدهما أصعب من الآخر.. يقول الحلَّاج في بيته العُقدة: «ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له، إياك إياك أن تبتل بالماء!». •• هذه الحالة تنطبق على صديق تسربت الأيام من بين أصابعه سريعاً، واختلقت له أكثر من مشكلة.. خيرته بين تحمُّل عبء المحنة أو النكوص في عالم جعله يحترف البكاء.. تدخل القدر ليجعله يعيش في شوارع من الحيرة.. ظل ينساب في محنته لسنوات طويلة كجدول ضوء في بحيرة.. ومع ذلك دائماً ما يقول: «أصحو صباحاً ببهجة مثل فراشة تلونها الحركة حول الضوء». •• تفاصيل مهترئة لأيام جعلت دمعة رجل عصامي سخية تتدفق من ركن عينه.. تلبَّس بحياة مستترة خلف كومة من الأسرار لم يبح بها لأحد.. كان بحاجة إلى شهيق من البوح يُخرج زفير شوك نما عليه.. شعور صادح يتصاعد في أعماقه يزداد مع عجلة قاطرة الوقت.. قابل ذلك كله باطمئنان وقامة مديدية ووسامة ذكورية، فأحاط بالدنيا والحياة وكأنه يرتشف إبريق شاي مخدِّر. •• من يحتسي في قلبه القلق والتمزق؛ سوف يتعب من انتظار حياة حقيقية.. ومن يسحب شريط حياته البهيجة من نحره؛ ستبقى ابتسامته مسمومة فاترة.. ومن يستلقي على محفة زمن قصير محسوب بالومضة؛ سيتركه كل شيء بلا أسف.. ومن تتساقط عناقيد الأيام من أمامه؛ ستقيد معاناته ضد مجهول، ثم يهرب من مواجهة الناس.. إخراج المعاناة من الأقبية شرط الوجود الأكمل في الحياة.