«من لم يمت بالقصف الإسرائيلي مات بالجوع والأمراض».. هكذا الوضع في غزة المحاصرة من أكثر من 10 سنوات رغم إصرار المتشددين في حكومة نتنياهو، خصوصاً الوزيرين الإسرائيليين المتشددين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير؛ اللذين يشددان على ضرورة تجويع الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه، ويزعمون أنه بحرمان المدنيين من الغذاء والدواء والماء سيجبرون على الاستسلام لهذا الكيان الغاصب الذي لم يولِ القوانين والقرارات الدولية والإنسانية أي اهتمام، بل يصرُّ على ارتكاب مزيدٍ من جرائم الإبادة ضد شعب أعزل يكافح من أجل العيش بسلام. وتشكّل النفايات المتكدسة بكميات كبيرة والجثث تحت المباني وفي الطرقات في مدينة غزة مخاطر صحية وبيئية؛ ما يسبب انتشار الأوبئة والأمراض المعوية والجلدية، زيادة على انتشار الروائح الكريهة والقوارض والحشرات؛ بحسب الأممالمتحدة فإن هناك أكثر من مليون شخص أصيب بالتهابات الجهاز التنفسي الحاد في غزة منذ بدء الحرب، وأكثر من نصف مليون فلسطيني بإسهال حاد، وإصابة نحو 100 ألف شخص باليرقان، كما تم تسجيل نحو 65 ألف حالة طفح جلدي وأكثر من 103 آلاف حالة جرب وقمل. تدمير الآبار أكد رئيس بلدية خان يونس علاء البطة في تصريحات صحفية أن ما لا يقل عن 30 بئر مياه في جنوبغزة قد دُمرت الشهر الماضي، مما تسبب في أزمة مياه حادة، فيما تقول نظمة أوكسفام الدولية للإغاثة إن 88% من آبار المياه فيها قد دمرت أو تضررت، وإن جميع محطات معالجة مياه الصرف الصحي و70% من المضخات قد اختفت؛ ما أدى إلى انخفاض كمية المياه المتوفرة في غزة بنسبة 94% منذ بدء الحرب، لتصل إلى أقل من خمسة لترات يومياً للشخص الواحد. ويظل خطر انتشار المزيد من الأمراض مرتفعاً؛ بسبب عوامل عدة؛ تشمل الاكتظاظ ونقص المياه والصرف الصحي وتعطُّل خدمات الرعاية الصحية الروتينية وتعثر النظام الصحي المدمر. وتشير تقرير المنظمات الدولية إلى أن هناك انتشاراً لفايروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي في غزة، وذلك بعد انخفاض التغطية بالتطعيم ضد شلل الأطفال، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس فإن هناك حاجة وإمكانات لتحرّك العاملين في المجال الصحي والمعدات الطبية بحرية لتنفيذ هذه العمليات المعقدة بأمان وفعالية. وقال متحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة: «جيش الاحتلال دمر العربات الناقلة للنفايات، وحاصر الأماكن التي يتم نقل القمامة إليها، مبيناً أن ذلك أدى إلى انتشار النفايات بشكل كبير داخل القطاع؛ وهو الأمر الذي أدى لانتشار الأمراض، محملاً الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن عدم القدرة على تصريف النفايات الطبية بالشكل الصحيح». وأضاف: «نحن في وضع خطير جدّاً ونضع المخلفات في أماكن غير آمنة، وهذه النفايات تسبب الأمراض، ونحن نخشى على النازحين»، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في إطار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد سكان القطاع. وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن برنامج مكافحة الوباء الذي أطلقته الوزارة بالتعاون مع ال(يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية لن يكون كافياً ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء العدوان، داعية إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلات المياه الصالحة للشرب، ووسائل النظافة الشخصية، وإصلاح شبكات الصرف الصحي، وإزالة أطنان القمامة والنفايات الصلبة المتراكمة. وتشير المنظمة إلى أن الوضع الوبائي في قطاع غزة مزرٍ، إذ كشفت المراقبة تفشي أمراض الإسهال والتهاب الكبد الوبائي، ونقلت مقالة نشرتها صحيفة (نيويورك تايمز) عن منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 100 ألف شخص في غزة أصيبوا بمتلازمة اليرقان الحاد أو ما يشتبه بأنه التهاب الكبد الوبائي منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة. وذكرت منظمة الصحة العالمية، أن نحو 350 ألف شخص مصاب بالأمراض المزمنة في قطاع غزة، ويؤدي نقص الأدوية الأساسية وإغلاق المرافق الصحية إلى خطر يتهدد 52 ألف مصاب بالسكري و45 ألف مصاب بالربو و45 ألف مصاب بأمراض القلب والأوعية الدموية و225 ألف مصاب بارتفاع ضغط الدم. معاناة الأطفال قال مسؤول الإعلام في المكتب الإقليمي ل(اليونيسف) سليم عويس: إن حجم الدمار والمعاناة والنزوح في غزة يفوق التصور، مشيراً إلى أن الأطفال في غزة تأثروا بشدة، من جراء الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والمرافق الصحية، وهم يعانون من إصابات الحرب والأمراض المختلفة، مبيناً إنه تم العثور على نوع من فايروس شلل الأطفال في ست عينات من أصل سبع تم جمعها من المناطق الوسطى والجنوبية، مبيناً أن هذا يشكل خطراً وتهديداً كبيراً للغاية بالنسبة للأطفال في جميع أنحاء غزة. وأشار عويش إلى أن من الصعب تحديد الأولويات، لكن هناك العديد من هذه الأمراض تأتي من نقص المياه النظيفة وممارسات النظافة، ونقص إمدادات النظافة، وهذا ما تركز عليه (اليونيسف)، كاشفاً اضطرار بعض الأسر إلى استخدام مياه البحر للنظافة، بينما تضطر أسر أخرى إلى استخدام الرمال لتنظيف الأواني والأطباق بسبب نقص المياه وإمدادات النظافة.