في تقرير جولدمان ساكس للذكاء الاصطناعي ورد النص التالي: (إن ما يقلقني بشكل رئيسي هو أن التكلفة الكبيرة لتطوير وتشغيل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تعني أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي يجب أن تحل مشاكل معقدة ومهمة للغاية حتى تتمكن الشركات من كسب عائد مناسب على الاستثمار. ونحن نقدر أن بناء البنية الأساسية للذكاء الاصطناعي سيكلف أكثر من تريليون دولار في السنوات القليلة القادمة وحدها، بما في ذلك الإنفاق على مراكز البيانات والمرافق والتطبيقات. لذا فإن السؤال الحاسم هو: ما هي المشكلة التي سيحلها الذكاء الاصطناعي بقيمة تريليون دولار؟ إن استبدال الوظائف ذات الأجور المنخفضة بتكنولوجيا باهظة التكلفة هو في الأساس عكس تمامًا التحولات التكنولوجية السابقة). فهو يعتقد أن إطلاق صفة «الاصطناعي» على ما نسميه ذكاءً، أمر عبثي لا يعني سوى استهلاك كميات هائلة من الطاقة والتعقيد اللازمين لخلق جماعة من الأغبياء. قبل أيام قرأت أحد حوارات سقراط التي تخيل فيها حديثًا دار بين الفرعون تحوت وإله الكتابة المصري الذي أخبر الفرعون وهو سعيد أن الآلهة أرسلت معه (الكتابة) وهي اختراع عجيب سيجعل الشعب المصري يتذكر كل ما يقرأ ويتعلم لأنهم كتبوه فيزدادون حكمة، أجابه تحوت: (أنت تزود طلابك بمظهر الحكمة، وليس حقيقتها. إن اختراعك سوف يمكّنهم من سماع أشياء كثيرة دون أن يتم تعليمهم بشكل صحيح، وسوف يتخيلون أنهم قد عرفوا الكثير بينما في الغالب لن يعرفوا شيئًا. وسوف يكون من الصعب التعامل معهم، لأنهم سوف يظهرون فقط كحكماء بدلاً من أن يكونوا كذلك حقًا). يا له من وصف مناسب لمشاكل الذكاء الاصطناعي التي ظهرت منذ آلاف السنين. قال سقراط: «سيتخيلون أنهم عرفوا الكثير بينما لن يعرفوا أي شيء في الغالب». لقد أخذت ببساطة فكرة فلسفية مشكوك فيها (الكتابة) إلى أقصى استنتاجاتها المدمرة. ونحن نعلم اليوم أن (الكتابة) ثاني أهم اختراع بشري بعد اكتشاف النار، والحديث عن النار يستدعي عنوان المقال فهذا الإله اليوناني بروميثيوس سرق شعلة المعرفة التي هي النار وأهداها للبشرية. لكن الذكاء الاصطناعي والكتابة والنار قد تحرق المدن وتدمر الحضارات إن أسيء استخدامها وزادت كلفتها.