لا أحتاج أحدا يملي عليّ كتابتي أو يذكرني بحدود علاقتي مع النصر الكيان أو الفريق أو الأفراد، فالنصر الذي يعتقدني البعض أني أتغزل به فهذا لأنه بدايات الدلال وبواكير الغزل، فيه كان ماجد ويوسف ومحيسن والهريفي، وكرة القدم الجميلة التي توافقت حينها مع بدايات المنتخب السعودي على مستوى القارة، لقد كنا صغارا تسكننا البهجة واللعبة الحلوة، وتأسرنا شخصيات اللاعبين وحضورهم داخل الملعب، وأنا لا أكذب على نفسي ولا أجامل أحدا، هذه ذكرياتي وهذه حياتي، أسمعتم بمن هو متصالح مع نفسه؟ أكيد، لكن هل جربتموها كحالة وواقع؟ ربما هذه فيها «قولان»، فلست من هواة المقارنات ولا التوقعات ولا الخيارات. النصر ولأنه «النصر وكفى»، فيه تشكلت إدارة جديدة كلكم يعرف ذلك، لكن القليل منا لا يعرف ماذا يريد، فقط الحديث عن مدرب ولاعبين وصفقات، والحديث عن الهلال والاتحاد والأهلي، والحديث عن التحكيم واللجان واتحاد اللعبة، وحين أقول «جديد النصر أم النصر الجديد؟»، فإني بذلك أعني محاولة إعادة صياغة الرؤية والهدف والرسالة لكيان عظيم كان وما زال واجهة رياضية حضارية وثقافية. النصر يملك إرثاً كبيراً والاستفادة منه لتشكيل المستقبل مرهونة «بأن يقدر له فكر وثاب ومبتكر» يستفيد من الماضي والحاضر والمستقبل، ومن الجمهور والأعضاء والإعلام، ولأنه هكذا يمكن استثماره بشكل يدهش الجميع، حين يخرج عن كل تلك الأفكار السابقة ويغادر مواضع المزاج ويخلق له شخصية يستمدها من تلك التي انتشرت في مطلع الثمانينات الميلادية «اوه.. اوه، العب يا الأصفر». نحن لا نتحدث عن فريق كرة قدم فقط، بل بشكل إجمالي وبصورة يمكن معها تحويل كل ما فيها من سلبيات أو ما نعتقده كذلك إلى شكل من أشكال الاحتراف الحقيقي لعمل مؤسساتي يتحرك كالميكانيكا لكنه ينبض بالحياة، إنه بحاجة لأفراد متميزين ومتفرغين للعمل داخله، مهامهم متنوعة لكنها تصب في هدف واحد، منهم من يعيد بناء العلامة التجارية والملابس والمتاجر والتسويق والترويج والعلاقات المحلية والدولية والمسؤولية الاجتماعية والبيئية والحياتية والصحية والنفسية والتطوير والإسهام والمشاركة والمتحف والمسرح والمنشأة وإنشاء الجديد منها؛ لأن نادياً مثل النصر أعتقده أكبر من مجرد كرة القدم. لكن كل ما ذكرته سلفا ليس حصراً إنما بعض الأفكار ستجد أنها تصب لاحقا لصالح كرة القدم، وهي الحديث الأهم والأجمل بالنسبة للعشاق حين يصبح الكيان مثالياً ومكتملاً وله سياسته الداخلية وتعاطيه مع الأحداث، وله مشروعه المكتمل، فإن ذلك حتماً سينعكس على نموذجيته وعلى كافة الألعاب وفريق كرة القدم على رأس القائمة، وسيجد اللاعب، أي لاعب يرتدي شعار الفريق، الأهمية والمسؤولية الملقاة على عاتقه ويستشعر القيمة المضافة له كونه لاعباً نصراوياً. في الموسم الماضي حقق الفريق المركز الثاني على مستوى بطولة الدوري والوصيف لنهائي كأس الملك، لكنه غادر البطولة الآسيوية والسوبر السعودي بكل استسلام وسهولة، ولقد استغربت ذلك وشعرت بالتفريط، فالفريق كان مكتملا ولديه الإمكانات الفنية الفردية ومع ذلك غادر بكل هدوء، وسيقول البعض إن الأخطاء التحكيمية ساهمت، وإن الغيابات وغير ذلك، لكن حديثي أيضا إجمالا، فالنصر أكبر مما تصورونه لأنه يستطيع حينها. وفي الموسم الماضي أيضا كانت لدينا بعض الاختلافات الفنية المباشرة مع بعض الزملاء الذين أصروا بأن كريستيانو رونالدو هداف، رغم أننا نعلم بأنه الهداف الأوحد على مستوى العالم، لكن ذلك لا يعني بأنه لاعب الصندوق، ففي الصندوق تسهل مضايقته وتشتيت لعبته، إنه لاعب في مثل هذا العمر يجب أن لا يرتبط بمركز، لكن الصندوق بحاجة لمن يجيد لعبته، فعلى سبيل المثال تاليسكا أيضا لاعب هداف لكن ذلك لا يسمح لي بوضعه في مركز رأس الحربة التقليدي. عموما إذا أردنا بناء فريق علينا وضع فكرة ثم العمل عليها، أذكر في زمن مرابط وحمدالله لم تكن كرة النصر أو هجمته تتجاوز بالمجمل ثواني مع ثلاث لعبات فقط، وهذا كلام يطول شرحه. لست منظراً ولكني أتمنى استثمار كل شيء قبل بداية الموسم، فجمهور الشمس الوفي يستحق فريقاً قوياً ونادياً نموذجياً.