النفط يصعد وخام برنت يصل إلى 70.78 دولار للبرميل    رئيس وزراء إثيوبيا يستقبل نائب وزير الخارجية    رابطة دوري المحترفين تقبل استقالة سعد اللذيذ    مدرب الصين: أعرف منتخب السعودية جيدًا.. وقادرون على الخروج من الرياض بنتيجة إيجابية    ضبط 5 أشخاص في الباحة لترويجهم الحشيش والإمفيتامين    "هيئة النقل" تكثف حملاتها الرقابية على الشاحنات الأجنبية المخالفة داخل المملكة    الاحتلال الإسرائيلي يعيد فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه    التأكيد على ضوابط الاعتكاف وتهيئة المساجد للعشر الأواخر    لبنان يغلق أربعة معابر غير شرعية مع سورية    فريق قسم التشغيل والصيانة بالمستشفى العسكري بالجنوب يفوز بكأس البطولة الرمضانية    دمت خفاقاً.. يا علمنا السعودي    خالد بن سعود يستقبل قائد حرس الحدود بتبوك.. ويطلع على تقرير "هدف"    "مانجا" و«صلة» تستقطبان العلامات اليابانية لموسم الرياض    مسجد بني حرام في المدينة.. تطوير وتجديد    نائب أمير جازان يكرّم الفائزين بجائزة "منافس"    مباحثات أمريكية - روسية فنية في الرياض بشأن الحرب بأوكرانيا    نائب أمير مكة يرأس اجتماع «مركزية الحج».. ويدشن الدائري الثاني    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وصول التوءم الطفيلي المصري إلى الرياض    رئيس الوزراء الباكستاني يصل إلى جدة    إي اف چي القابضة تسجل إيرادات قياسية بقيمة 24.4 مليار جنيه، مدعومة بالنمو القوي لقطاعات الأعمال الثلاثة    "الأرصاد": أمطار رعدية غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق بالمملكة    السعودية بوصلة الاستقرار العالمي (1-3)    «سنتكوم» تحذر من نهب مستودعات برنامج الأغذية العالمي في صعدة.. استيلاء الحوثيين على المساعدات الإغاثية يفاقم أزمات اليمنيين    فيتش: تحسن محدود لمؤشرات البنوك    الغياب الجماعي للطلاب.. رؤية تربوية ونفسية    "التعليم" تعلن القواعد التنظيمية لبرنامج فرص    الإطاحة بمفحط أصاب 4 أشخاص في حادث اصطدام    "الحياة الفطرية": لا صحة لإطلاق ذئاب عربية في شقراء    رأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.. وزير الداخلية: التوجيهات الكريمة تقضي بحفظ الأمن وتيسير أمور المواطنين والمقيمين والزائرين    وزير الداخلية يرأس الاجتماع السنوي ال32 لأمراء المناطق    الخوف من الكتب    «الملكية الفكرية» : ضبط 30 ألف موقع إلكتروني مخالف    الاتحاد يعبر القادسية الكويتي في نصف نهائي غرب آسيا لكرة السلة    الأخضر يرفع استعداداته لمواجهة الصين في تصفيات كأس العالم    على المملكة أرينا وبصافرة إيطالية.. سيدات الأهلي يواجهن القادسية في نهائي كأس الاتحاد السعودي    المملكة تدين وتستنكر الهجوم الذي استهدف موكب رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية    نائب أمير منطقة جازان يكرّم الفائزين في مسابقة الملك سلمان المحلية لحفظ القرآن الكريم    قطاع ومستشفى بلّسمر يُنفّذ حملة "صم بصحة"    انطلاق أعمال الجلسة ال144 للجنة الأولمبية الدولية في أولمبيا    "خطاب الإنتماء" ندوة علمية في تعليم سراة عبيدة ضمن أجاويد3    نائب أمير تبوك يطلع على التقارير السنوي لتنمية الموارد البشرية هدف    ديوانية غرفة تبوك الرمضانية بوابة لتعزيز الشراكات وترسيخ المسؤولية الاجتماعية    المودة تحتفي باليوم العالمي للخدمة الاجتماعية بتأهيل 6,470 أخصائيًا    16 مصلى لكبار السن وذوي الإعاقة بالمسجد النبوي    الفطر سلاح فعال ضد الإنفلونزا    الذاكرة المستعارة في شارع الأعشى    مراكز متخصصة لتقييم أضرار مركبات تأجير السيارات    11% انخفاض ضبطيات الدراجات المخالفة    الكشخة النفسية    النقد الأدبي الثقافي بين الثوابت المنهجية والأمانة الفكرية    3 جهات للإشراف على وجبات الإفطار بالمدينة المنورة    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    440 مبتعثا صحيا وكندا الوجهة المفضلة ب33 %    موسم ثالث للتنقيب الأثري بالليث    إقبال على دورات الإنعاش القلبي    تبقى الصحة أولى من الصيام    محافظ الطوال يشارك في الإفطار الرمضاني الجماعي للمحافظة    العلم الذي لا يُنَكّس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بناء السياسات.. المساءلة والمحاسبية لضبط التنفيذ الفعَّال
نشر في عكاظ يوم 23 - 05 - 2024

في مقال سابق («عكاظ»، 22 شوال 1445) تحدثنا عن مبدأ السياسات العامة (Public Policy) المصطلح والأهمية والدور. وكان المقال حول معنى السياسات العامة والدور الذي تؤديه في إدارة وقيادة المنظومات بأنواعها. باختصار هي أهداف وتوجهات عمومية، وإن تنوعت صياغتها وأشكالها فإنها في الغالب تصاغ في صورة قرار أو مجموعة قرارات تبنى على أساسها أو في إطارها الاستراتيجيات والبرامج والخطط. وكان واضحاً أن صياغتها بالشكل الصحيح والمنهجية السليمة يشكل الفارق بين النجاح والفشل والمراوحة والتقدم. ولذلك فإنها وبشكل مؤسسي تحظى بأهمية كبيرة لدى المشرعين ومؤسسي الأنظمة وصناع القرار والأجهزة التنفيذية في جميع المجالات الحيوية والتنموية. وسبق التأكيد على أن التعليم من أول المجالات التي تشكل السياسات العامة أهمية في قيادته وبناء منظوماته وإدارتها وتطويرها. في هذا المقال نتحدث بشيء من التفصيل عن أهم الصفات والخواص التي ينبغي أن تتسم بها صياغة السياسات العامة بشكل عام والسياسات العامة التعليمية بشكل خاص؛ ومنها:
أولاً: تأخذ السياسات العامة في صياغتها ثلاثة مستويات على سبيل الأولوية: الدولة بجميع مكوناتها ودستورها وأنظمتها الأساسية وأجهزتها تأثيراً وتأثراً، والمجتمع بجميع مكوناته وشرائحه وقيمه وثقافته، والفرد من حيث احتياجاته ورغباته وقدراته. ولمزيد من الإيضاح سأورد فيما يلي بعض المبادئ العامة؛ التي يرى المختصون مراعاتها والأخذ بها عند صياغة مثل هذه السياسات العامة: الشمولية: تصاغ السياسات العامة بحيث تعتبر وتوظف جميع الإمكانات والإمكانيات والموارد وتخدم شامل الاحتياجات وجميع المجموعات بشكل عمومي ذي طبيعة شاملة. الحوكمة متعددة المستويات: تعتمد السياسات العامة عند صياغتها بشكل مباشر وغير مباشر الأدوار والمسؤوليات والتقاطعات المحتملة لجميع عناصر التنفيذ في المنظومات والأنظمة العمودية والأفقية، التي تحكمها تلك السياسات العامة لضمان تجنُّب التداخل، ووضوح هيكل المسؤولية والمحاسبية والمساءلة وبالتالي ضمان التنفيذ الفعال. المساءلة والشفافية: صياغة آليات لضمان الشفافية وصلاحيات المساءلة لأهمية بناء الثقة لدى الجميع سواء داخل المنظومات أو خارجها، ويتضمن ذلك معايير واضحة للتقييم والمتابعة بما في ذلك تقديم تقارير دورية عما أنجز والتحديات والنجاح والإخفاق والتقدم والتقصير. الاستدامة: من المهم عند صياغة وتطوير السياسات العامة أن تكون بالشكل والمضمون والتفصيل الذي يضمن استمراريتها على المدى الطويل من حيث الواقعية وإمكانيات المراجعة والتعديل والمتابعة.
ثانياً: تكون ملزمة لجميع المؤسسات التعليمية والمؤسسات ذات العلاقة أو المساندة: إن السياسات العامة في المجال التعليمي لا بد أن تكون ملزمة أو بالأصح محل التزام حتمي وضروري بين جميع المؤسسات ذات العلاقة بشكل عمودي وأفقي؛ لأن من نتائج الالتزام هو التجانس وعدم تناقض التوجهات وتضاربها مما يضمن ويقود ذلك الفاعلية بين جميع المؤسسات التعليمية بجميع مستوياتها وأدوارها القيادية والتخطيطية والتنفيذية، ومثل ذلك مع المؤسسات ذات العلاقة. ولمزيد من التوضيح أستأذن -القارئ الكريم- أن أورد بعض أهم الأسباب التي تحفز على الالتزام بالسياسات العامة في مجال التعليم: الوضوح والتوحيد: لابد للسياسات أن تكون من الوضوح على درجة عالية تمكن الجميع من فهمها والتعامل معها في الحياة المهنية والعامة، كما يجب أن تكون متماسكة تشكل إطاراً موحداً تنسجم في سياقه الأنظمة والتعليمات والأهداف الرئيسة والفرعية. الإنصاف: يكون واضحاً في صياغة السياسات العامة التعليمية الموحدة هدف بل وأولوية حصول جميع الطلاب، بغض النظر عن مكان التحاقهم بالمدرسة، على نفس الجودة من التعليم والتعلم، لضمان ردم الفجوة أو تقليلها بدرجة كبيرة بين المدارس في مختلف الأرجاء وبين إدارات التعليم في كافة المناطق فهي مثال للهدف الوطني الذي تصاغ السياسات التعليمية لتحقيقه. آليات مراقبة الجودة: توحيد معايير التقييم في سياق الأهداف المحددة في السياسات العامة وإمكانية إيجاد آليات مراقبة الجودة وضمانها يعين في تنافس ونجاح المؤسسات التعليمية والمساندة، ويساعد في الحفاظ على معايير عالية في المعلمين واختيارهم والمناهج والبيئة التعليمية في المدارس وإدارات التعليم. الالتزام بالأنظمة والتعليمات: يساعد تنفيذ السياسات التعليمية والالتزام بها في جميع المؤسسات التعليمية على ضمان امتثالها للأنظمة واللوائح التعليمية والتزامها بالمعايير مما يقلل من نشوء المخاطر والتحديات. المساءلة: عندما تكون السياسات التعليمية ملزمة لجميع المؤسسات التعليمية العامة والخاصة، فإنها تخلق معايير واضحة للمساءلة، تساعد في بناء نظام محاسبية فعال، يساهم في بناء نظام تعليمي أكثر فعالية وجودة. واضحة بدون ضبابية: إن صياغة سياسات واضحة ومحددة سوف يضمن الدقة التي تقلل من التفسيرات والتطبيقات المتنوعة والمختلفة بين المؤسسات التعليمية بأنواعها. كما أنها تضمن التنفيذ الفعال والحافز حيث يصبح من الأسهل على المسؤولين في الوزارة صياغة اللوائح والمساندة والتنظيم، وإدارات التعليم والمدارس، التنفيذ دون الدخول في دوامات بيروقراطية بسبب تفسيرات واسعة وغامضة تهيئ للمصالح الشخصية والتراخي. ومن علامات الوضوح وعدم الضبابية وجود ممكنات التكيف والمرونة والتفاعل مع الاحتياجات الطارئة والظروف المتغيرة المحيطة ولكن بدون الإخلال بالأهداف العامة لتلك السياسات مثل ما يتعلق بالهوية والاعتقاد والقيم.
ثالثاً: مستقرة لا تتأثر بتغير الأنظمة وبتغير الأفراد التنفيذيين: من المتفق عليه والمؤكد أن الاستقرار في السياسات العامة، وخاصة السياسة التعليمية، أساس ركين وأمر ضروري وبغاية الأهمية في مواجهة تغير القوانين والتنظيمات والأجهزة التنفيذية والأفراد والمسؤولين، ولذلك أسباب واضحة نذكر منها -على سبيل المثال وليس الحصر- ضمان الاتساق في التعليم لتوفير وتهيئة البيئة التعليمية لإجراءات وممارسات ومناهج ومعايير تعليمية متجانسة بشكل عام ووفق المراحل الدراسية المختلفة. كما يمكن في بيئة السياسات العامة المستقرة إمكانية التخطيط الاستراتيجي الضروري للمؤسسات التعليمية التي تعتمد على أهداف طويلة المدى بسبب طبيعة العملية التعليمية التي تمتد على مساحات جغرافية واسعة وأزمان متطاولة. ثم إن السياسات العامة الواضحة المستقرة تخلق بيئة اقتصادية يكون فيها التوقع الواقعي أساس قرارات الاستثمار المادي والمعنوي لدى المستثمر مما يقوده لمزيد من الثقة في خلق السوق وتعزيز الشركات وتطوير الصناعة التعليمية. وتؤكد الدراسات ويكرر المختصون في المجال المالي أن استقرار السياسات العامة ووضوحها وعدم ضبابيتها يتسبب بشكل مباشر في رفع كفاءة الإنفاق وتقليل الهدر المالي وفعالية استخدام الموارد.
وختاماً، فقد حاولت من خلال التمثيل بالسياسات العامة في مجال التعليم التوضيح والتفصيل حول أهمية الالتزام ببعض السمات والخصائص التي يلزم أخذها في الاعتبار عند تحديد وصياغة السياسات العامة لتضمن بيئة خصبة إيجابية لأي صناعة أو مجال. ولا يفوتني في الختام التأكيد على أن السياسات بشكل عام والسياسات التعليمية بشكل خاص ينبغي أن تحظى بآلية مراجعة وتقييم منتظمة تساعد على إحداث تغييرات في السياسات الفرعية المتصلة بالتنمية والاقتصاد وتوفر الموارد والظروف العامة والخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.