فقدٌ مؤلمٌ ساق ودق الحزن على أوساط الشعر والفن والأدب كافة، فانهمر بلا توقف من كل صوب وعلى امتداد طويل. رحل البدر في باريس وقد أتمَّ عمراً مديداً من الشعر والحب والعلاقات الإنسانية، رسم الشعر وكتب الفنون وحلَّق في سماوات لا حدود لها ولا مدى. توفي الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن في العاصمة الفرنسية باريس، طاوياً صفحته الأخيرة عن عمر ناهز 75 عاماً بعد معاناة مع المرض، قضى ثلثيه في كنف الشعر والحب والألوان، حتى لا يتداعى عند ذكره سوى ابتسامته الحانية وصوته الدافئ وتفاصيله الشعرية الشائقة. بدر، أبهى من البدر في الضياء الذي ينبثق عنه، لطالما شق أوتاد الحزن بهدوء حاد كان يسلّه بعذوبة، وغلّف هدايا الحب بأناقة تعابيره ورقّة مشاعره. أحبوه لأنه ماهى سلالة مفرداته بعمق تعابيره، فكان كمن يمسك عصا المايسترو ليلقي نصاً شعرياً في أمسية لا موسيقى فيها إلا أجراس كلماته وإيقاعات أبياته ولحن الحب فيها. كان سخياً وتفصيلياً في صوره الشعرية المختزلة، ودقيقاً في سرد تفاصيلها الواسعة، لم يكن متناقضاً على الإطلاق لكنه في كل شيء كان بارعاً في قدرته على جمع النقائض لصالح الشعر والناس. حوى البدر (رومانسية) العشاق في شِعرهِ، وفاضت معاجم الشعر المحكي بصورهِ الإبداعية، وحكت رسالة البدوي التي خطها عن قيمه وثوابته وارتباطه بأرضه وناسه وفطرته. بدر بن عبدالمحسن هو ذاكرة حكاياتنا، لسان حالنا، صوت أرضنا، وموسيقى شعرنا. لقد كانت أوجاعنا وأفراحنا المخزون الحقيقي الذي اتكأ عليه ليكتب لنا ومنا أعذب وأصدق الكلام. تناديه أصواتنا في المدى والريح، آه يا رمل وهبايب.. تدفن جروح الحبايب.. سلام.. يا بدر التمام.