في الثمانينات الميلادية قابلت يهودياً في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأمريكية. بداية اللقاء كانت عادية، لكنها تحولت في ختامه إلى انبهار وتعجب!! البداية تعارف. النهاية قال لي إنه برغم يهوديته فهو يعارض وجود دولة إسرائيل ويرفض الحركة الصهيونية بكل أشكالها، ولأنني كنت صغيراً ملأتني الدهشة، فلم أكن أعرف أن هناك يهودياً يمكن أن يرفض إسرائيل والصهيونية، كما أن الثمانينات لم تشهد ثورة التكنولوجيا ومحرك البحث (قوقل) الذي أصبحنا نحصد منه كل المعلومات. اليهودي اسمه الفريد ليلينتال وكان عضواً في حركة ناطوري كارتا ومعناها (حارس المدينةً. وتعدادهم يقارب 5000 يتواجدون في القدس ولندن ونيويورك، وهي جماعة دينية يهودية تم تأسيسها عام 1935 وتنادي بخلع أو إنهاء سلمي للكيان الإسرائيلي، ليس ذلك فقط بل تطالب بإعادة الأرض إلى الفلسطينيين. تؤمن بأن اليهود يُمنعون من الحصول على دولة خاصة بهم حتى مجيء المسيح. وترى هذه الجماعة في ذكرى تأسيس الكيان الإسرائيلي يوم حداد.. يصومون فيه ويتوجهون إلى الله بالدعوات لإزالة دولة الكيان الإسرائيلي. صدر لألفرد ليلينتال كتاب اسمه (ثمن إسرائيل.. من الإرهاب إلى مجزرة الدولة) تحدث فيه عن المجازر التي ارتكبها المحتل ضد الفلسطينيين من صبرا وشاتيلا عام 1982 إلى آخر المجازر حسب تاريخ الكتاب. وبسبب معارضتها للصهيونية، فإن هذه الجماعة تتعرض للملاحقات المستمرة والضرب والاعتقالات الليلية وتخريب ممتلكاتها. يرفعون في مظاهراتهم لوحات كتب عليها بالعبرية عبارات مثل «الدين اليهودي يحظر وجود دولة إسرائيل»، وبالإنجليزية «free palestine» أي «فلسطين حرة»، ويرفعون العلم الفلسطيني. ••• قال لي الفريد ليلينتيال إن عدداً منهم قابلوا الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وكانت المنظمة تعتبر ياسر عرفات رئيساً لسكان فلسطين، وقد شارك الحاخام موشيه هيرش في حكومة عرفات سابقاً وزيراً للشؤون اليهودية. ••• بعد استعراض هذه الجماعة في هذه المقالة، أرى أن الفلسطينيين لم يستثمروا وجود هذه الحركة لصالح القضية الفلسطينية التي ظلت تراوح مكانها دون حل، بل إنها تفاقمت وأصبحت الآن ترتدي حلل الدم التي سكبها المحتل.