بعد الدعوى القضائية التي أقامتها جنوب أفريقيا أخيراً أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ضد المدنيين في قطاع غزة، وانضمام جيبوتي وبنغلاديش وجزر القمر وبوليفيا وفنزويلا إليها، وكذلك دعوى مماثلة تقدمت بها تشيلي والمكسيك، لا يزال إصرار إسرائيل على إطالة أمد الحرب وارتكاب مزيد من المجازر يثير تساؤلاً ينتظر الإجابة، خصوصاً في ظل تعرض اقتصادها لخطر كبير، وعدم تحقيق أيٍ من أهدافها العسكرية على مدار أكثر من 100 يوم من حربها على غزة. وتؤكد وسائل إعلام غربية أن صبر الرئيس الأمريكي جو بايدن بدأ ينفد من تشبث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو باستمرار الحرب لأهداف شخصية، مبينة أن بايدن يجهز ل«صفقة إقليمية كبرى» في المنطقة، تتضمن إمكانية تطبيق حل الدولتين من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة جنباً إلى جنب مع إسرائيل، ووقف الحرب وتبادل الأسرى، ووصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. ويأتي الحديث عن تلك الصفقة عقب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الخميس) أنه أبلغ الولاياتالمتحدة بمعارضته إقامة دولة فلسطينية في إطار أي سيناريو لمرحلة ما بعد الحرب على غزة والاستمرار في الحرب. ورجح الخبير الاستراتيجي بالقاهرة اللواء سمير فرج قرب انتهاء الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل من دون شروط من الجانبين، مبيناً أن العمل على وقف القتال وبدء التفاوض السياسي هو ما تسعى إليه أمريكا حالياً بالتعاون مع الأطراف الإقليمية بدول المنطقة. وأكد فرج ل«عكاظ» أن زيارات وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن الأخيرة لعدد كبير من دول المنطقة كلها تصب في إنهاء الحرب، خصوصاً أن تطور العدوان الإسرائيلي على غزة وصل لمرحلة حرجة من القتل والتدمير على مرأى من العالم، كما أن الإدارة الأمريكية تريد إنهاء تلك الحرب قبل صراع الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر لها نوفمبر القادم، فضلاً عن وجود أحداث وصراعات خطيرة بدأت تشتعل بعدد من دول المنطقة، بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة، وهو أمر لا تريده واشنطن كونه يضر بمصالحها، إضافة إلى أن النظام الدولي غاضب من الممارسات الإسرائيلية البشعة في غزة، وهي سيناريوهات كلها تقرب إنهاء الحرب. وقال اللواء فرج إن إصرار نتنياهو على إطالة أمد الحرب في قطاع غزة يأتي خوفاً من الملاحقات الجنائية والقضائية التي ستطوله في اليوم الثاني من انتهاء الحرب، مشدداً على وجود خلافات وانقسامات شديدة داخل الشارع الإسرائيلي والقوى السياسية على استمرار تلك الحرب، نظراً إلى تكلفتها الضخمة على ميزانية دولة الاحتلال، وهي الخسائر التي لا يمكن أن تفوق منها إلا بعد سنوات. ولفت إلى أن الأوضاع السياسية في إسرائيل مرشحة لعدم الاستقرار السياسي، خصوصاً على منصب رئيس الوزراء وأعضاء حكومته، وهو ما سيؤدي في النهاية لوجود عائق أمام الإدارة الأمريكية في فكرة إقامة الدولتين، مشيراً إلى أن إسرائيل لم تحقق سوى الخسائر المادية والبشرية، وتتعرض لضغوط دولية أودت بها إلى محاكمتها أمام محكمة العدل الدولية جنائياً على جرائمها البشعة، وأيضاً تعرضها بالداخل إلى مظاهرات احتجاجية تطالب بإقالة نتنياهو وأعضاء حكومته.