نعم مات الشريف محمد بن أحمد الشريف الملقب بأبي حسن في وزارة المعارف، ومن لا يعرف (أبو حسن) هو حامي حمى وزارة المعارف سابقاً وحارسها على شارع المطار لعقود عديدة وفي أواخر القرن الماضي، وأول هذا القرن. أسطر هذه الكلمات فقط لأشيد بموقف عجيب بيني وبينه، وليعرف الكثير من الناس أن عزة النفس والحفاظ على مبادئها فوق كل اعتبار. في نهاية شهر رمضان للعقد الأول من هذا القرن شعرت بأن أبا حسن يتحمل عبء عائلةٍ أتى بها من جيزان، وفي ظني أن مكافأته من العمل لا تفي باحتياجات تلك العائلة، فقلت لعلي أمد يد العون في نهاية رمضان بشيء رمزي لأبي حسن، ووضعته في مظروف وناولته إياه قبل العيد. وحين عدنا من الإجازة أتاني (رحمه الله) كعادته ليهنئني بالعيد.. وقال لو تسمح لي يا أبا محمد بعد أن يذهب المهنئون أن أعود إليك لكلمة صغيرة، فرحبت به متى أراد. وحينما أتى طلب أن نكون منفردين... فقال: يا أبا محمد أنا والله أعتبرك كأخي الكبير أو أبي وأرجوك أن لا تغضب مني ولكن لدي سؤال بشأن هديتك قبل العيد: هل ذلك المبلغ هدية منك أم أنه من الصدقة أو الزكاة؟ فعجبت من تساؤله وسألته لماذا هذا السؤال؟ وعجبت من ذلك... حارسٌ ليلي يمتلك هذا الاعتزاز بأصله وبنواميس أصله، بالرغم من حاجته الملحة. ومنذ ذلك اليوم نهجت مع أبي حسن رحمه الله نهجا يليق بمقامه لا بوظيفته. وَإِذا كانَتِ النُفوسُ كِباراً تَعِبَت في مُرادِها الأَجسامُ رحم الله محمد الشريف وجمعنا به وبجميع أحبائنا على حوض نبيه.