نجحت وزارة الثقافة في إقامة المهرجانات والمعارض الدولية من خلال بلورة الأفكار وتطويرها ومراجعتها، واستحداث مجالات -ربما قد تكون حديثة- تساهم في تعزيز مفهوم الثقافة وتنميته وتقديمه للجمهور، وجذب الاهتمام العالمي من خلال المعارض الدولية المختلفة في عواصم ومدن عالمية عدة. ويجد المتتبِّعُ والمهتمُّ للمعارض والمؤتمرات أن الرياض أصبحت -خلال سنوات قليلةٍ- محطَّ أنظار المتخصصين والمهتمين في صناعة المهرجانات والفعاليات، نظراً لإقامتها العديد من هذه الأحداث الدولية في شتى المجالات، والتي انعكست نجاحاتُها على صناعة الفعاليات وابتكار مجالات أخرى. ولعل اللافت والمتداول في هذه الأيام هو إقامة هيئة فنون الطهي لمهرجان الوليمة للطعام السعودي في حرم جامعة الملك سعود بالرياض، الذي سينطلق يوم 23 نوفمبر على مدى 10 أيام بحضور جمهورية اليونان كدولةٍ مشارِكة في المهرجان، الأمرَ الذي يعكس أهمية التبادل الثقافي الدولي، ويحث على تطوير الأفكار وتقديمها للعالم، ويسهم في تبادل التجارب والخبرات. المهرجان ليس عرضاً للمأكولات والأطباق السعودية فحسب، بل هو تجربة مميزة وفريدة للزائر ولكافة أفراد العائلة، إذ توجد منطقتان للأطفال والعروض المسرحية، وجلساتٌ حوارية مع خبراء الطهي، ومنطقةٌ مخصصة للأعمال والتعليم، لتكون بذلك أكبر تجمُّع للمهتمين والمختصين في فنون الطهي تجري فيه جلساتُ نقاشٍ بقيادة شخصياتٍ مختصة وشركاتٍ مختلفة من حول العالم، لبناء علاقاتٍ وروابطَ تنشأ من خلالها فرصٌ داعمة لقطاع الطهي بالمملكة، إلى جانب استقطاب متخصصين في فنون الطهي لاستكشاف عالم الطهي عن قرب، وإتاحة الالتقاء بأمهر الشخصيات الرائدة في المجال من المحليين والعالميين، وتعلم أساسيات الطهي وأسراره بشكل عملي. كل هذه الجوانب ليست فقط تهدف إلى تحقيق رقمِ زوارٍ مستهدفٍ أو إقامةِ فعاليةٍ عابرة، بل تذهب إلى أبعد من ذلك من خلال خلق الفرص الواعدة للشباب لتطوير مشاريعهم الشخصية إلى مشاريع تجارية استثمارية، ورفع مستوى الوعي الثقافي عبر تقديم السعودية وجهةً عالميةً لعشاق الطهي وتذوّق الأطعمة، كما تُبرز جهود وزارة الثقافة في الاهتمام بالطعام وطُهاتِه، باعتباره أحد الموروثات الوطنية الأصيلة، ليشكل مهرجان الوليمة نموذجاً ثقافياً فريداً في المملكة، والمنطقة بأسْرِها.