شكل تطور مفهوم الطهي عالمياً أهمية في حياة الشعوب عبر العصور، وبرزت من خلاله ثقافاتهم، فالطهي قصة بدأت فصولها قبل مئات آلاف السنين، وتسارعت بشكل مدهش في العصر الحديث، وتداخلت فيها احتياجات الإنسان الأساسية بالعلوم والاقتصاد والعمارة والمفاهيم الثقافية المختلفة. وبما أن المملكة تمتلك تنوعاً ثقافياً وحضارياً وتنموياً، فقد حقق المطبخ السعودي حضوراً في المعارض العالمية، لا سيما أنه من أكثر المطابخ تنوعاً في دول الشرق الأوسط نظراً لاتساع الرقعة الجغرافية للمملكة وحسب ثراء وتنوع المنتجات البحرية والزراعية واختلاف العادات والتقاليد، إلى جانب توافد المعتمرين والحجاج طوال العام وانتعاش قطاع السياحة وكونها ملتقى للحضارات الإنسانية عبر التاريخ. ولأهمية هذا الجانب استُحدثت هيئة فنون الطهي لتدفع بمستقبل الطهاة عالمياً فهي ضمن 11 هيئة جديدة تتولى مسؤولية إدارة القطاع الثقافي السعودي بمختلف تخصصاته واتجاهاته، ومسؤوليتها لتطوير القطاع ودعم وتشجيع الممارسين فيه، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة والاستقلال المالي والإداري، وترتبط تنظيمياً بوزير الثقافة لضمان أعلى مستويات الجودة والفعالية. وتعمل هيئة فنون الطهي على إبراز الطهاة الماهرين من مختلف مناطق المملكة الذين حققوا جوائز عالمية ونجاحات متميزة لتدوين إرث المطبخ السعودي ووصفات أطباقه ونشرها محلياً ودولياً، وأيضاً يعيد إلى الأذهان أمهات الكتب في هذا المجال، إلى جانب تشجيع عمل الأبحاث والدراسات والتطوير في مجال فنون الطهي، وتصنيف المطاعم والأطباق والطهاة، ووضع الآليات والضوابط والاشتراطات المتعلقة بفنون الطهي، ونضج المطبخ السعودي خلال السنوات القليلة الماضية بفضل نشاط العاملين فيه، وظهرت معالمه في جوانب ثقافية واقتصادية، وعملت الهيئة على تقديم الدعم للطهاة عبر تأهيلهم وتزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة ليرتقوا في مهنتهم، واعتماد البرامج العلمية والتدريبية لتطوير الأداء وتشجيع الأفراد والمؤسسات لتطوير المنتج بالابتكار والجودة معاً، كما تدعم رواد الأعمال في هذا المجال من خلال احتضانهم وتزويدهم بالتسهيلات اللازمة لإطلاق مشاريعهم من خلال توفير مطابخ مشتركة وتشجيع التمويل والاستثمار في القطاع؛ مما يعني زيادة فرص التوظيف للعاملين من طهاة ومساعدين وعاملين في مجال الأبحاث والدراسات وصناعة المحتوى في مجال الطهي. وتسعى الهيئة لعمل تكاملي مع مختلف الجهات في القطاعين العام والخاص بهدف الحصول على مخرجات تحقق أهدافها ورؤيتها في تطوير القطاع، من خلال عملها مع الجامعات وأعرق المعاهد وعدة جهات مختصة بإعداد حزمة من البرامج التدريبية بالتعاون مع أعرق المدربين الأفذاذ، وأيضا من خلال برنامج منح الابتعاث الثقافي من فنون بصرية ومتاحف وتصميم وموسيقى ومسرح وصناعة أفلام مما سيحدث نقلة نوعية في الساحة الثقافية وأيضاً منها برنامج "فنون الطهي" الذي أطلقته الوزارة للمتخصصين والشغوفين بالمجال لتخريج جيل من الطهاة السعوديين والسعوديات المؤهلين. وأكدت الرئيس التنفيذي لهيئة فنون الطهي ميادة بدر: أن الهيئة لديها قاعدة بيانات تضم أكثر من 100 محترف في فنون الطهي، وتعمل على تطوير هذه القاعدة من خلال العمل مع المهنيين في هذا المجال، ومؤخراً قامت بعمل لقاءات بالعديد منهم من مناطق المملكة لبحث الاحتياجات والتحديات التي تواجههم، وسيكون هناك المزيد من هذه اللقاءات لتبادل الخبرات عبر المؤتمرات والمعارض والفعاليات التي ستقيمها الوزارة. وقالت ميادة: إن الهيئة أعلنت في حفل إطلاق رؤيتها مارس 2019م عن مبادرة مهرجان الطهي الوطني، لافتة إلى أن الهيئة ستطلق حملة إعلامية دولية لترويج تراث الطهي السعودي على الصعيد العالمي، بالإضافة إلى المشاركة في أهم فعاليات الطهي العالمية، كما ستنظم أسبوعاً للطعام السعودي بالشراكة مع السفارات بالخارج، من أجل أن يسهم قطاع الثقافة في النمو الاقتصادي، وستعمل على تشجيع تأسيس الشركات والمؤسسات المعنية بقطاع الطهي، كذلك إقامة شراكات بين قطاع الثقافة والقطاع الخاص في مجال المسؤولية الاجتماعية بما يسهم في فتح آفاق واسعة تخدم أهداف الوزارة، ولتعزز من دور هذا القطاع في دعم الثقافة، وتوفر قنوات تواصل مع المجتمع عبر تعزيز الهوية السعودية من ثقافة مطبخها وزيادة الجرعات الثقافية محلياً وعالمياً، بالإضافة إلى سعي الهيئة بالشراكة مع القطاع الخاص إلى دراسة للحد من هدر الطعام. وتعزيزاً لهذه المهارات أطلقت وزارة الثقافة مؤخراً أول برنامج للابتعاث الثقافي في تاريخ المملكة بهدف تأهيل جيل في مجالات الثقافة المختلفة من فنون بصرية ومتاحف وتصميم وموسيقى ومسرح وصناعة أفلام وفنون طهي مما سيحدث نقلة نوعية في الساحة الثقافية بعد صقلهم أكاديمياً، وفي أعرق الجامعات العالمية، وينعكس على ما يقدم للمجتمع من منتجات ثقافية تؤثر على نمط الحياة في المملكة عبر القوى الناعمة المتمثلة في الفنون. وفي هذا الجانب لمعت الكثير من أسماء الطهاة السعوديين والسعوديات من خلال عملهم في الفنادق والمطاعم المشهورة وظهورهم في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هناك أسماءً مميزة كانت لها مبادرات وحضوراً لافتاً، منهم مؤسس مبادرة نادي الطهاة السعودي شيف الحلويات والخباز منوّر بن حسين بنون، الذي يعد من الكفاءات السعودية المتميزة في فنون الطهي، وله تجربة كبيرة ممتدة لأكثر من 20 عاماً، ويحفل مسيرته العلمية والأكاديمية بمحطات مهمة، وتدرّب خارج المملكة تحت إشراف طهاة معروفين دولياً إلى جانب إلمامه بأساليب القيادة الفندقية وحصوله على جوائز وأوسمة. الطاهي منوّر بن حسين بنون قال: إن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في نشر مبادرته التطوعية بتأسيس نادي الطهاة السعودي لتكون مظلة تجمع الطهاة ليتبادلوا أفكارهم وتجاربهم، واستطاع أن يؤسس النادي عام 2009م الذي يضم أكثر من 50 من الطهاة السعوديين والسعوديات المميزين من مختلف مناطق المملكة.