كنت في رحلة إلى الشمال الغربي من الصين، بالتحديد إقليم شينجيانغ المتاخم لحدود آسيا الوسطى. كانت رحلة مثيرة ومليئة بالاستكشافات على المستوى الاجتماعي، والتاريخي، والسياسي، والاقتصادي. بحكم الاختصاص سأركز على الجانب الاقتصادي وخاصة المناطق الاقتصادية بكافة أنواعها والخدمات اللوجستية التي أنشأتها الصين كجزء من جهودها لتعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز انسيابية التجارة. أنواع عديدة من المناطق الاقتصادية أنشأتها الصين ولكل نوع أسباب نشأته ومميزاته. تعتبر المناطق الاقتصادية الخاصة هي البذرة الأولى في الصين لمفهوم المناطق الاقتصادية التي أنشئت في أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي. وقد تم إنشاء هذه المناطق، بما في ذلك شنجن، وتشوهاي، وشانتو، وشيامن، لجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الصناعات الموجهة للتصدير. وتقديم المناطق الاقتصادية الخاصة سياسات تفضيلية، مثل الحوافز الضريبية، واللوائح المبسطة، وتطوير البنية التحتية، لتشجيع النمو الاقتصادي والتجارة الدولية. أنشأت الصين العديد من مناطق التجارة الحرة في مواقع ساحلية إستراتيجية، بما في ذلك شنغهاي وتيانجين، وقوانغدونغ، وفوجيان. تهدف مناطق التجارة الحرة إلى تسهيل التجارة الدولية من خلال تقليل الحواجز التجارية، وتبسيط الإجراءات الجمركية، وتعزيز الانفتاح المالي. فهي توفر بيئة أعمال أكثر تحرراً، وتسمح بالاستثمار الأجنبي بشكل أسهل، وتحرير التجارة الدولية. مناطق الجمارك الشاملة هي قصة أخرى تستحق تسليط الضوء عليها، مثل منطقة شنغهاي بودونغ التي تسمح باستيراد وتصدير البضائع المعفاة من الرسوم الجمركية لأغراض التصنيع والمعالجة وإعادة التصدير. فهي تسهل التجارة الدولية من خلال تقديم خدمات التخزين والخدمات اللوجستية وخدمات القيمة المضافة. أنشأت الصين العديد من مناطق التنمية الصناعية ذات التقنية العالية، مثل مجمع تشونغ قوان تسون للعلوم في بكين ومجمع تشانغجيانغ للتكنولوجيا الفائقة في شنغهاي. تركز هذه المناطق على تشجيع الابتكار والبحث والتطوير والصناعات كثيفة الاستخدام للتكنولوجيا. فهي توفر سياسات مواتية، ودعم البنية التحتية، والوصول إلى المؤسسات البحثية لجذب شركات التكنولوجيا الفائقة وتعزيز التقدم التكنولوجي. بفكرة خارجة عن المألوف قامت الصين بتطوير مجمعات لوجستية ذات مواقع إستراتيجية بالقرب من الموانئ والمطارات والسكك الحديدية. وتوفر هذه المجمعات خدمات لوجستية شاملة، بما في ذلك التخزين، والتوزيع، والتخليص الجمركي، والنقل. وهي تهدف إلى تحسين كفاءة سلسلة التوريد، وخفض التكاليف اللوجستية، وتسهيل التدفقات التجارية. في المجمل المناطق الاقتصادية والخدمات اللوجستية لعبت دوراً مهماً في جذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز التجارة، وتحفيز الابتكار، وتسهيل النمو الاقتصادي وذلك من خلال تقديم سياسات تفضيلية، وتطوير البنية التحتية، والإجراءات المبسطة، مما خلق بيئات مواتية للشركات لتزدهر وتساهم في التنمية الاقتصادية للصين على وجه الخصوص والعالم على وجه العموم.