في مقال سابق كتبت عن أسواقنا الحُرة، وكيف لها أن تكون مُعززاً لموقع المملكة الجغرافي لتصبح منصة لوجستية تربط القارات الثالث، وفائدها الكبيرة، على عدد من القطاعات مثل النقل والخدمات اللوجستية والسياحة والحج والعمرة، وخلال هذه الأيام المُباركة، أطلق سمو ولي العهد -يحفظه الله-، أربع مناطق اقتصادية خاصة في المملكة، هذه المناطق سيكون لها أثر تنموي بالغ في السعودية، وسيُسهم بلا شك، في جذب استثمارات من كل حدب وصوب، فالمناطق تم اختيارها بعناية فائقة لتراعي المزايا النسبية في كل منطقة والتنوع بينها. يعرف كثير من الاقتصاديين المناطق الاقتصادية الخاصة أو ما تسمى ب (Special Economic Zones)؛ بأنها مناطق جغرافية في الدولة، يتم إنشاؤها لجذب الاستثمار الأجنبي، وتنمية الصادرات، من خلال توفير مجموعة من الحوافز والتسهيلات للشركات، وتقع هذه المناطق عادةً بالقرب من الموانئ أو المطارات أو محاور النقل الرئيسة، وهي مُصممة بحيث تتمتع ببنية تحتية عالية المستوى وإجراءات مُبسطة. هناك قصص نجاح لبعض المناطق الخاصة، مثل منطقة شنتشن الاقتصادية الخاصة (Shenzhen) في الصين. والتي تأسست في 1980، وكانت واحدة من أولى المناطق الاقتصادية الخاصة في الصين، حيث أصبحت منذ ذلك الحين مركزًا اقتصاديًا رئيسا ورمزًا لسياسة الإصلاح والانفتاح الصيني على العالم، حيث جذبت أهم الصناعات مثل صناعة الإلكترونيات والبحث والابتكار وريادة الأعمال، قد أسست شركات مثل Huawei وBYD مقاراً لها، وغدت الآن، تُعرف باسم "Silicon Valley of China، والتي يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي ما يُقدر ب 400 مليار دولار ويقطنها نحو 12 مليون نسمة، بالإضافة إلى ذلك، نجحت المناطق الاقتصادية الخاصة في ماليزيا مثل "إسكندر ماليزيا" في جذب الاستثمار الأجنبي في قطاعات التصنيع والنفط والغاز والسياحة، وأصبحت مركزًا رئيسا للصناعات عالية التقنية حيث جذبت شركات مثل Intel و Samsung.، كذلك، تايلاند التي استقطبت صناعات عالية التقنية وجذب استثمارات لشركات كُبرى مثل BMW و Huawei، وفي سنغافورة، أصبحت منطقة التجارة الحرة بمطار شانغي مركزًا لوجستيًا عالمياً رئيسا. كما أن هناك قصص نجاح لمدن اقتصادية خاصة، فإن هُناك أيضاً قصص فشل، حيث أنشأت حكومة هندوراس المنطقة الاقتصادية الخاصة بويرتو كورتيس في عام 2011 لجذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز الصادرات، ومع ذلك، فشلت المنطقة في جذب استثمارات كبيرة، وأنهت الحكومة المشروع في عام 2018، كذلك حدث في ميانمار، حيث واجهت المنطقة الاقتصادية الخاصة بكياوكبيو، العديد من التحديات، بما في ذلك البنية التحتية غير الملائمة، والمخاوف البيئية، كما واجهت منطقة هامبانتوتا الاقتصادية الخاصة في سريلانكا، والتي تم تطويرها باستثمارات صينية، انتقادات بسبب مستويات ديونها المرتفعة، وانعدام الشفافية، وكان على الحكومة السريلانكية إعادة التفاوض بشأن اتفاقها مع الصين، أما في روسيا فقد أنشأت الحكومة الروسية العديد من المناطق الاقتصادية الخاصة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز الابتكار، ومع ذلك، تعرضت بعضها لانتقادات بسبب افتقارها إلى الشفافية والفعالية. إجمالاً، يعتمد نجاج المناطق الاقتصادية الخاصة على عدد من العوامل، منها؛ الموقع، والبنية التحتية، والسياسات الحكومية، والنفاذ للأسواق الدولية من خلال وجود عدد من الاتفاقيات التجارية المُمكنة للتصدير، ولا شك في توافر هذه العوامل في المناطق الأربعة التي تم إطلاقها، كما نؤكد على الدور الكبير الذي تلعبه هيئة المُدن والمناطق الاقتصادية الخاصة في استقطاب الشركات، وحل المُعوقات إن وجدت وإن ظهرت، وتطوير التشريعات وتحسينها تباعاً، كذلك الإشراف الفعال والمُستمر للتأكد من أن كافة المناطق الأربعة تُحقق المُستهدفات التي رُسمت لها، إن نجاح هذه المناطق الاقتصادية الخاصة سيُعزز من الاستثمارات الحالية والمستقبلية، ويجعل منها إنموذجاً للقادم من المناطق الاقتصادية الخاصة.