يحكى أن هناك شاباً شغوفاً وحالماً، وقف أمام مرآة ضخمة وأبحر بعينيه فيها متأملاً كل زواياها ولمعانها وأطرافها وخشباتها المحيطة بجوانبها، ينظر لها نظرة رسام خارق يريد أن ينسج قطعة بديعة كرسومات «دا فينشي» المذهلة، ويتفرس بها بإسراف وكأنها بوابة العبور إلى عوالم أخرى تحقق الأحلام وتغيّر الواقع إلى بيئة لا مثيل لها، يراها ككتاب مخطوطاً نادراً كُتب بأفكار «أفلاطون»، وفلسفة «سقراط» ومسرحيات «شكسبير»، وحكمة «ابن خلدون»، وأدب «المتنبي»، وسحر «ابن عربي»، وحرف «المنفلوطي». منذ 93 عاماً وهذه المرآة محافظة على جمالها ورونقها، وتحتفظ بالخيرات بين جانبيها، أراد ذلك الشاب بالمثابرة والاجتهاد إخراج لبّها الثمين ليملأ الدنيا فضيلة ونماء. كل علامات الجمال تكمن أمام ذلك الشاب داخل أعماق هذه المرآة، لا تخرج إلا بعزيمة تهدّ الجبال، وتغيّر الأحوال. بعد أيام على وقوف هذا الشاب أمامها؛ عزم على بدء العمل وبذل المستحيل لاستخراج ما بها من كنوز مدفونة، فرزع بها أفكاره ورؤيته بوضوح، فبدأ يشع نورها شيئاً فشيئاً فانبجست منها أنهار وعيون أنبتت الأرض وجعلت ما يحيط بها ربيعاً مزهراً فملأت الدنيا بهجة، وأخذ الناس يزورونها من أصقاع الأرض منبهرين مما بها ومقتدين بها. هذه المرآة المشعة هي؛ «المملكة العربية السعودية»، وهذا الشاب المبدع الذي حاك خيوط الإبداع؛ هو القائد الملهم ولي العهد «الأمير محمد بن سلمان»، جعل لبلاده سمعة عظيمة وعملاً مبهراً كسر بهما قواعد الأرقام في المجالات الاقتصادية والسياحية والرياضية. العالم أصبح مذهولاً من تلك الأرقام التي بلغت الآفاق قبل الوصول إلى «رؤية 2030» المحكمة، وتعجب من تلك المشاريع الحضارية العملاقة كمدينة (ذا لاين) الحديثة التي تُبنى بطريقة تكنولوجية مذهلة سوف يؤرخها الزمن، بالإضافة إلى بناء مدينة القدية الوجهة الترفيهية العالمية التي تتربع بمشاريعها فوق جبل ضخم يُعمل فيه على قدم وساق، كما أن العمل على مشروع البحر الأحمر مازال في مجراه، والذي سيضم عند إنجازه 50 منتجعاً بحلول 2030، وكذلك مدينة (العلا) الخلابة والوجهة السياحية الأبرز والتي لا تنفك من السائحين الذين يترددون عليها بين الفينة والأخرى لما تحويه من تضاريس جبلية وترابية عجيبة وتراث عميق، وغيرها من المشاريع والمنجزات المتقنة التي لن تكفيها الأوراق والصفحات لكتابتها. هذا الكم الهائل من الانضباطية والدقة في العمل؛ أدى إلى هذا الجذب السياحي الكبير الذي نشاهده واقعاً، وتلك المشاريع العملاقة جعلت الناتج المحلي للدولة في تزايد، وما نراه الآن من تطور وزخم متسارع يرفعنا لأن نكون في السماء نضاهي الدول الكبرى، فيحق لنا نحن السعوديون أن نفخر ونتفاخر بأننا نعيش في هذه الحقبة الزمنية التي ستحول الشرق الأوسط إلى حضارة إنسانية جديدة على يد قائدها المُلهم.