لكل إنسان حاجات أساسية يعيش معها في سلام، ومتى اختل أحدها اختل توازنه في الحياة، ليصبح تائهاً باحثاً عن النجاة، متلهفاً لملاذ.. يأتي في مقدمتها «الحاجات الفسيولوجية»؛ من هواء، وماء، وطعام، ومأوى، وهي ما تبقيك على قيد الحياة. ولكي يستقر الحال؛ احتاج الناس إلى الأمن، كي تحفظ لهم حقوقهم، ويطمئنوا لسلامة أرواحهم، وممتلكاتهم، وينتقلوا للبناء، والتقدم، والابتكار. تمضي أقدار الله في الكون ومنها الكوارث الطبيعية، وأخرى من صنع البشر، وينقلب فيها حال الناس، ليهرعوا للتجديف والرسو في أقرب مرفأ بحثاً عن النجاة. في مثل تلك المواقف تظهر المعادن الحقيقية، ويتجلى حس الإنسانية بظهور من يملك القوة والكفاءة؛ ليمد يد العون، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والإبحار إلى مرافئ الأمل، لتعيد لتلك النفوس المكلومة الأمان. ما يحدث في السودان كارثة حلت على أهله، وقد شاهد الجميع مناظر مؤلمة، من تفجير وتدمير ورعب، لم تسلم منه حتى الطائرات المدنية، ومنها طائرة الخطوط السعودية وطاقمها، وكذلك ما حل بمن في المطار، وبالسودان على وجه العموم، وقد كان بينهم العديد من الجاليات، ومن مختلف الجنسيات، وهنا كانت الإنسانية تتجلى؛ بموقف بطولي من المملكة العربية السعودية بإعلانها إجلاء الرعايا، فقد شاهد الجميع عودة المواطنين السعوديين، بينهم مضيفو الخطوط السعودية لأرض الوطن، في منظر تهيم معه النفس فرحاً بعودتهم، وفخراً بهذا الوطن العظيم. ولأن الإنسانية في وطني لا تقتصر على الحدود الجغرافية؛ فقد تم إجلاء الرعايا من جميع الجنسيات، لتتوالى رسائل الشكر والعرفان من مختلف الدول، نظير الموقف المشرف، والإنسانية المتجلية، في قيادة حكيمة، وشعبٍ نبيل. أخيراً.. لا غرابة؛ فالتاريخ يحفظ للمملكة العربية السعودية تصدرها المشهد بالدعم والمساندة وتقديم المساعدات للمنكوبين، فإن كان للإنسانية قبلة؛ فالسعودية قبلتها.