أدت المعارك بين الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو المعروف ب"حميدتي"، إلى تفاقم الخطر على حياة السوادنيين والمقيمين في السودان من جنسيات العالم، فكانت المبادرة السعودية إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، من أجل إجلاء الرعايا السعوديين في الخرطوم، وعلى الفور شكلت خلية أزمة تحت قيادة وزارتي الخارجية والدفاع السعودية، للبدء بالعملية، فقامت البحرية السعودية بإرسال أربع سفن عسكرية من أجل إجلاء المواطنين السعوديين، ولم تقف النخوة السعودية على أبناء المملكة، بل تعدتهم إلى رعايا دولة صديقة شقيقة وصديقة عربية من جميع أنحاء العالم، وذلك وسط تقارير لمنظمة الصحة العالمية تفيد عن سقوط أكثر من 415 قتيلا وإصابة أكثر من 3555 بجراح نتيجة الإقتتال. وفي المعلومات فقد نجحت المملكة بإجلاء 158 شخصاً من مواطنيها، ورعايا عدة دول، من بينهم طفل رضيع لا يتعدى عمره الثلاثة أشهر ليكون أصغر من يتم إجلاؤه، إضافة إلى طاقم طائرة الخطوط السعودية التي تضررت في مطار الخرطوم في بداية المعارك والتي طالت المطار، وذلك ضمن المرحلة الأولى من عملية الإجلاء، حيث وصلوا إلى مدينة جدة على البحر الأحمر قادمين من مدينة بورتسودان، وذكر بيان لوزارة الخارجية السعودية عن العملية وأنها شملت أيضا دبلوماسيين ومسؤولين دوليين، وأن العملية نفذتها القوات البحرية الملكية السعودية بإسناد من مختلف أفرع القوات المسلحة، ما أظهر قدرة عسكرية سعودية تمتاز بالحرفية والدقة، وكشف بيان الخارجية أن المواطنين السعوديين الذين جرى إجلاؤهم بلغ عددهم 91 مواطنا، وعدد الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم من الدول الأخرى نحو 66 شخصاً، من مختلف الجنسيات شملت الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة ومصر، وتونس، ولبنان، وباكستان والهند، وبلغاريا، وبنغلادش والفلبين، وكندا، وبوركينا فاسو، وكوريا الجنوبية، وقدمت مملكة الإنسانية كل ما يحتاجه الرعايا الأجانب من احتياجات إنسانية ولوجستية تمهيداً لتسهيل عودتهم إلى بلدانهم. واللافت في العملية التي حظيت بمتابعة القيادة السعودية أنها اتصفت أيضا بالتعقيد فقد كانت على عدة مراحل وفق ما أكده سفير المملكة في الخرطوم علي جعفر، حيث خرجت 32 سيارة من الخرطوم، ومرت في عدد من الولايات السودانية إلى أن وصلت بسلام إلى ميناء بورتسودان، بمواكبة قوات سعودية. وفي مواكبة لعملية إجلاء الرعايا العرب فقد ساهمت المملكة في إجلاء 105 من الرعايا الليبيين وقد تمت بالتنسيق بين السفارة الليبية والسعودية في الخرطوم، على أن يتم نقلهم لاحقاً إلى ليبيا، وأعربت الحكومة والخارجية في ليبيا عن تقديرهما لمبادرة المملكة ودورها الفعال والمؤثر في إجلاء الرعايا الليبيين. من جانبه ثمن وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد دور الرياض في إجلاء الرعايا الإماراتيين والمبادرة الإنسانية للمملكة، وذلك في اتصال هاتفي مع نظيره وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، كما شكر كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب القيادة السعودية على مبادرتها تجاه تسهيل إجلاء الرعايا اللبنانيين من الخرطوم واستقبالهم في مدينة جدة وذلك تمهيداً لعودتهم إلى لبنان، كما أعرب اليمن عن امتنانه للمملكة لما قامت به من إسهام في إجلاء الرعايا اليمنيين في السودان وثمن الجهود السعودية تجاه اليمنيين سواء في السودان أو في اليمن. فالمملكة في مبادرتها الإنسانية ونخوتها العربية الأصيلة أثبتت علو حسها الإنساني تجاه القضايا التي تمس كرامة الإنسان وقدمت النموذج الذي يحتذى على صعيد العلاقات الدولية والإنسانية، وكشفت مصادر مواكبة أن مبادرة المملكة العربية السعودية لن تقف عند حدود إجلاء الرعايا والجانب الإنساني في السودان وإنما قد تتطور الى مبادرة سياسية من أجل إيجاد حل سياسي ينهي الاقتتال الداخلي ويعبر بالسودان إلى بر الأمان.