ضيف هذه المسامرة الكاتب الرشيق علي القاسمي، الذي لن تستوعبه المساحات مهما اتسعت، غير محايد ولو في حدود، وليس منحازاً بالمطلق، منحته خبراته الصافية علاقات مميزة، وفتّحت القراءة الجادة وعيه على مناطق محظور الاقتراب منها، إلا أنه بحكم (التخصصية العلمية) يجيد الفصل بين الفتيل وبين الأزمة، مهندس حروف شغوف إذا انصكت في وجهه أبواب أشرع النوافذ، وإذا ما أسدلت النوافذ ستائرها أطلق الخيال لينسج الوشائج بين الطبيعة والفن، وهنا نص مسامرتنا معه. حضن دافئ • لو لم تكن إنساناً، أي مخلوق آخر كنت ستختار؟ •• يبحر الخيال هنا بشكل عجيب وغير منظم بالرغم من أن الانتماء لأمة الإنسانية شيء عظيم ومحبط في آن واحد، عظمة التفرد وإحباط تحمل الكثير من الأمانات، ولكن يلذ لي أن أكون صقراً يعيش بمكان قصي ويصعب الإمساك به. • ماذا أعطتك الثقافة؟ وماذا أخذت منك؟ •• أعطتني أفقاً مختلفاً وطريقة تفكير ترهقني أكثر مما تعينني، ولا أظن أنها أخذت مني شيئاً، الثقافة إيجابية دائماً للعقلاء. • هل يتقاعد الكاتب، متى؟ •• الكتابة ملجأ، دواء وحضن دافئ جدًا، يمكن للكاتب أن يمل، يحبط، يتقاعس، يتراجع، يتوقف، لكن كل هذه الأفعال تمر عليه بشكل مؤقت، التقاعد -من وجهة نظري- مرتبط باستمرار التنفس. وقار أمي وهيبة أبي • كيف يتجاوز الكاتب نفسه؟ •• الكاتب في صراع دائم معها، التجاوز تهور وأنا لا أحب التهور ولا المتهورين. • ماذا يعني لك رمضان، وماذا في الذاكرة الشعبية عنه؟ •• رمضان شيخ العاطفة وسيد العذوبة، وفي الذاكرة له ومعه حنين لا يقاوم وبساطة صرنا نفتقدها وساعات يوم لم تعد تلك الساعات النابضة بالطيبة وسماحة الناس وبساطتهم. • ما الذي بقي من ذكريات أول رمضان صمته؟ •• بقي الكثير والكثير.. وقار أمي وهيبة أبي. العمر يمضي • كيف كانت تصوم وتفطر وتتسحر قريتك؟ •• تصوم على الشيمة وتفطر عليها وما أجمل السؤال كيف كانت.. الآن قد يكون السؤال: هل هناك قرية ووجوه تمثلها؟. • ما الشخصية المحببة لك في رمضان؟ •• كل من ساهم في تأثيث ذاكرتي أو شكل لي أماناً داخلياً أحبه جداً. • ماذا تقرأ خلال شهر رمضان؟ •• في رمضان أقرأ أكثر، ربما لأن العمر يمضي وتتقلص الأنشطة البدنية التي تعلقنا بها في رمضان ولأن إجازة العمل تتقاطع -جبراً- مع رمضان، القراءة تسير في شهر الخير بشغف وثبات ولما هو متاح بين الأيدي. حنين طاش • ما الطبق الأثير على المائدة؟ •• لا طبق لي أشاغب الأسرة على إعداده، أنا من الذين يذيبهم هذا الثالوث ويكفيهم (تمر، ماء، قهوة) ومن بعده يتساوى القادمون. • عادة يساعدك رمضان على تركها؟ •• تناول القهوة صباحاً مع أول استهلال للشمس. • ما البرنامج التلفزيوني الذي تحرص على متابعته؟ •• لا أتابع التلفاز منذ سنوات في رمضان، هذا العام أعادني له (حنين طاش وذاكرتنا الطرية معه). • من تدعون للإفطار معكم؟ •• كل الذين أحبهم بصدق وأعرفهم، وكل الذين يحبونني بصدق ولا أعرفهم. • ما الذي تفتقدونه في رمضان؟ •• اجتماع الأسرة بالعدد الذي كانت تجتمع عليه قبل عدة سنوات. كثر الغلا • ما الذي تودون لو أن كل الناس تلتزم به؟ •• الصدق، وأن نكون دوماً بوجه واحد، فارتداء أكثر من وجه عبث وأذى. • أي عمل تلفزيوني عصيّ على النسيان؟ •• كلها تُنسى.. ما يتبقى الذكريات. • لمن تقول لا تجرح صيامي؟ •• لكثير.. ورغم أن الجروح قصاص لكن العفو أشمل وأجمل. • ما الشيء المُفطّر غير الأكل والشرب؟ •• تذكرني هنا ببيت شعري للعزيز الشاعر علي السبعان حين يقول: كثر الغلا معك علمني ••• اصوم وافطر على صوتك وصدقاً فهناك مفطِّرات لا حصر لها، على الأقل على مستوى الشعور، لكنها تمضي ونبقى على صومنا. أنا والطفش • لماذا يغلب على كلمات الأغنيات ومواضيع المسلسلات التكرار ؟ •• حين يجتمع فقر الأفكار، تدني الذائقة، ورداءة السوق، يحدث كل شيء من صداع التكرار لوجع التفاهة. • ما رأيكم بالأعمال التاريخية في رمضان؟ •• لا أشاهدها.. التاريخ بالنسبة لي قراءة ومع القراءة أسئلة وأسئلة. • كيف تتعامل مع الطفش؟ •• حسب وقت قدومه: تارة يواجه بالنوم، وأخرى بالرياضة، وثالثة ب«وجهٍ / صوت» تألفه وتحبه. • أين تذهب في مساء رمضان؟ •• لا ثبات في جدول المساء، حين أكون تحت توجيه الأسرة فلا إجابة سريعة لدي لأني «مُدار»، أما في الوضع الطبيعي فأتعامل مع كل مساء بما يسعفني عليه وقتي، مزاجي وحماسي على اعتبار أني «مُدِير».