تزخر الطائف بالعديد من المساجد التاريخية المعبّرة عن البعد الحضاري للمحافظة، وشاهدة على تعاقب الأمم والأجيال فيها على امتداد التاريخ، ومنها مسجد عبدالله بن عباس في حي المثناة، الذي ما زال محتفظاً بعناصر التراث العمراني. وتعود أهمية المسجد كونه ينسب لحبر الأمة عبدالله بن العباس، الصحابي الجليل والمفسّر العظيم، وهو ابن عم النبي محمد صلى الله عليه وسلّم، واشتهر ابن عباس بفقهه المُيَسّر؛ وعندما طلب أبو جعفر المنصور من الإمام مالك كتابة «المدونة»، أوصاه أن يجعل وسطاً بين رُخص ابن عباس، وتشدد ابن عمر رضي الله عنهم. والمسجد مبني من الصخور وجذوع الأشجار من البيئة المحلية المحيطة به، وقامت هيئة التراث بتسجيله في السجل الوطني للتراث العمراني ضمن ال41 موقعاً تراثياً وعمرانياً قبل أشهر قليلة، ليعتبر المسجد الحقيقي المعترف به رسمياً لابن العباس في الطائف، حيث لم تسجّل هيئة التراث سواه في المحافظة. وذكرت الهيئة، أنه أحد المساجد التاريخية ويتكون من فناء مكشوف مستطيل الشكل استخدمت في بنائه الحجارة المحلية، ويعود تاريخ بنائه إلى عام 592ه، وأنه من المواقع المحميّة بموجب نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / 3 وتاريخ 9 / 1 / 1436ه، وأي اعتداء على الموقع بالإزالة أو الطمس أو التشويه والكتابة يعرض صاحبه للعقوبة الواردة في النظام. ويقع المسجد شرق سفح جبل المدهون، وتتميّز عمارته بالأسلوب الإسلامي في داخله، حيث يتضمن داخله ثلاثة أقواس، وهو يتسع لنحو أربعة صفوف من المصلّين، ويجاوره عدد من المساجد والشواهد التاريخية القديمة كالقنطرة والكوع ومسجد عدّاس الذي قطف عنقود العنب من أحد البساتين المجاورة وأهداه للرسول صلى الله عليه وسلّم. وكان مسجد ابن العباس في المثناة على خارطة لجنة التنشيط السياحي قديماً، إذ وضعت عليه لوحة قديمة حتى أعلنت هيئة التراث تسجيله في السجل الوطني للتراث العمراني بالسعودية.