عندما تسأل أمريكياً أو أيسلندياً عن حقوق المرأة في دستور بلاده سوف يسرد عليك الحقوق كما هي مكتوبة، فيقول على سبيل المثال: (لها حق الانتخاب، لها حق بلوغ أرفع المناصب)، ويستمر في السرد. لك أن تتفق أو تختلف معه. عندما تسأل شيخاً أو داعية ما هي حقوق المرأة في (الإسلام؟) لا يقوم بسرد الحقوق واحد اثنان ثلاثة، بحيث يترك هذه الحقوق تتحدث عن نفسها بل يبادر قائلاً: (اهتم الإسلام بالمرأة سواء كانت أمّاً أو أختاً أو بنتاً أو زوجةً، وجعل لها من الحقوق ما يكفل سعادتها في الدارين، ويصونها من الابتذال في شبابها ومن التضييع في كبرها)، ثم يستطرد قائلاً: (إن الإسلام هو أول من أعطى المرأة حقوقها، ورفع شأنها، وساوى بينها وبين شقيقها الرجل)، وبعد أن ينتهي من مديح شيء لا تعرف ما هو بعد، ينتقل إلى شتم الحضارات حاضرها وسالفها، فتسمعه يقول: (كانت المراة في الجاهلية تدفن حيّة، وكان المصريون القدماء يلقون بها في البحر قرباناً، وكان القانون الفرنسي قد نص بعد الثورة الفرنسية على أن القاصرين هم الصبي والمجنون والمرأة)، ولا ينسى الشيخ شناعة القانون الإنجليزي في حق المرأة: (وظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزي العام- حتى منتصف القرن الماضي تقريباً- غير معدودات من «الأشخاص» أو «المواطنين» الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم؛ لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية، ولا حق في الأموال التي يكتسبنها، ولا حق في ملكية شيء حتى الملابس التي كن يلبسنها). هذا ليس غريباً على الإنجليز كما سيبيّن الشيخ بدقة أكثر قائلاً: (بل إن القانون الإنجليزى حتى عام 1805م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات و«نصف شلن»)، وإذا كان لديك متسع من الوقت -كما كانت حال صغار السن في حلقات تحفيظ القرآن والمراكز الصيفية والطيبين من مواطنينا الكرام- فسوف يسرد فظاعة حياة المرأة في عصرنا هذا الذي نعيش فيه: (إن المرأة في بلاد الغرب قد دفع بها الوضع الاجتماعي الذي لا يرحم إلى أن أصبحت تطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشرة؛ لكي تبدأ في الكدح لنيل لقمة العيش، وإذا ما رغبت- أو أجبرتها الظروف- في البقاء في المنزل مع أسرتها بعد هذه السن، فإنها تدفع لوالديها إِيجار غرفتها، وثمن طعامها، وغسيل ملابسها، بل تدفع رسماً معيناً مقابل اتصالاتها الهاتفية). بعد هذا العرض المؤلم لحال المرأة في الماضي والحاضر وفي كل الحضارات ستكون متشوقاً لسماع حقوق المرأة التي يقدمها رجال الدين باسم الدين.. أول الحقوق حق إشباع المرأة غريزتها بالزواج، وحسب سرد الشيخ فهذا حق غير مسبوق في أي حضارة أو دين آخر. ومن حقوقها أيضاً: (حقها في السكن والنفقة من مأكل ومشرب وحوائج خاصة ومصروف، وهذا يختلف باختلاف الزمان والمكان وحال المنفق فتجب نفقتها على أهلها إن كانت غير متزوجة وعلى زوجها إن كانت ذات زوج). لا أظن أن أي حضارة من حضارات البشر منذ آدم تطرقت إلى هذا الحق المتميز، حتى الطعام الذي هو حق لكل كائن حي يصبح واحداً من أبرز الحقوق الممنوحة للمرأة المسلمة. (ومن حقوق المرأة الراشدة في الإسلام حرية كسب المال الحلال وحرية التصرف فيه، فليس لأحد أن يحجر عليها ويمنعها من التصرف فيه سواء كان أباً أو زوجاً أو غيرهما)، لا يتذكر الشيخ عند سرد هذا الحق أن الزوجة لا تخرج من البيت إلا بإذن زوجها، ولا يحق لها السفر إلا بصحبة ذكر، ولا يحق لها الاختلاط أصلاً، وإذا نامت وزوجها زعلان عليها سوف تلعنها الملائكة حتى يرضى. فكيف يملك الإنسان ماله وهو أصلاً لا يملك نفسه ولا حريته ولا حتى أحاسيسه ومشاعره؟! ومن حقوق المرأة أيضاً أن يبصّرها زوجها بأمور دينها.. هذا الحق يشير بوضوح إلى أن الرجل بالطبيعة وبالفطرة أعلم من المرأة. يولد أعلم منها ويموت أعلم منها. مهما تعلمت المرأة سيبقى الرجل أجدر حتى وإن كان خريج سجون والمرأة خريجة جامعة.