في ظل التحديات الكثيرة والمستجدات الطارئة على المجتمعات المسلمة كان لا بد من جهة فقهية أن تتولى مهمة النظر في الكثير من المتغيرات الحاصلة في العالم وتأثيرها على المسلمين الذين يرغبون في معرفة نظرة الدين للكثير من القضايا المستحدثة والتي تحتاج إلى دراية وعمق لما لها من انعكاسات على الفرد والمجتمع، فتأسس مجمع الفقه الإسلامي الدولي عام 1981 ومقره في جدة بالمملكة العربية السعودية وذلك تنفيذاً لقرار مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد في مكةالمكرمة من نفس العام، ويجمع عدداً من خيرة علماء المسلمين وأرسخهم معرفة في مختلف العلوم من مختلف مناطق العالم الذين أبلوا بلاءً حسناً في اقتراح الحلول للكثير من المسائل الفقهية والمشاكل التي يواجهها كل مسلم في أي مكان كان، وتمكن المجمع من عقد أربع وعشرين دورة تم خلالها إصدار مائتين وثمانية وثلاثين قراراً شرعياً مستنداً على ضوابط شرعية وعلمية لتحقيق الأهداف المرجوة. رسالة المجمع وأهمية انعقاد الدورة ال25 إن انعقاد الدورة الخامسة والعشرين في 20 فبراير الجاري لمدة ثلاثة أيام في مدينة جدة وفي أيام مباركة من شهر رجب وشعبان يعكس جدية واجتهاد مجمع الفقه الإسلامي الدولي على الاستمرارية ودراسة مختلف المسائل التي تشكل جدلاً وتحتاج إلى دراسات عميقة لإصدار أحكام فقهية تتماشى مع روح الشريعة الإسلامية. يعقد مجمع الفقه الإسلامي الدولي دورته الخامسة والعشرين في ظروف إقليمية ودولية مليئة بالتحديات، ويطمح أعضاؤه الذين يمثلون سبعاً وخمسين دولة ومنظمة والمشاركون البالغ عددهم مائتي شخصية علمية مرموقة في ترسيخ معالم الشريعة الإسلامية وقدرتها على معالجة المسائل الشرعية ومشكلات العصر بطرق وأساليب تقوم على الوسطية والشفافية والإبداع تضمن الأمن والأمان والاستقرار للإنسان، وتحقيق التلاقي الفكري والتكامل المعرفي بين مختلف فقهاء المذاهب الإسلامية. مناقشة المسائل المستحدثة بوضع الحلول والآفاق تهتم الدورة الخامسة والعشرون التي نشارك فيها بدعوة رسمية من مجمع الفقه الإسلامي الدولي، والتي نرى مدى أهمية المواضيع التي يتم طرحها والتي من المهم معالجتها على ضوء الأحكام الشرعية وبرؤية فقهية متكاملة بين خيرة علماء الأمة ومفكريها، ومن أهم مواضيع الدورة ما يتعلق بمستجدات العبادات كأثر جائحة كورونا على أحكام العبادات، وحكم الصلاة بغير العربية، وحكم أدائها خلف الهاتف أو التلفزيون وغيرها، وما يتعلق بالقضايا الاجتماعية على رأسها أحكام وسائل التواصل الاجتماعي وضوابطها ونشر المعلومات والأخبار للإساءة والشائعة، كذلك حكم الإجهاض بسبب الاغتصاب، إضافة إلى القضايا الاقتصادية من بينها آثار جائحة كورونا على أحكام المعاملات والعقود والالتزامات المالية، ومواضيع أخرى تتطلب الاهتمام والدراسة العميقة للخروج بأحكام فقهية مناسبة بعيداً عن التطرف والتشدد واختيار الآراء الفقهية بما يحقق مصالح الناس ويفيد مسار حياتهم بما يتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية. ونثمن عالياً جهود صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن فيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين على رعايته الكريمة لهذه الدورة، كما نشكر أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدولي معالي الأستاذ الدكتور قطب مصطفى سانو على الجهود المضنية لإنجاح هذه الدورة وترتيب انعقادها في ظروف جيدة، ونحن على ثقة تامة بما يحققه المجمع في سبيل خدمة قضايا المسلمين ومواجهة كل التحديات الراهنة بمنطق العقل والانفتاح وعبر تجديد الفقه الإسلامي بتنميته من داخله، وتطويره من خلال ضوابط الاستنباط، وترسيخ سبل الحوار البنّاء مع أتباع الأديان والمذاهب الإسلامية والثقافات وإرساء روح الاعتدال والوسطيَّة والانفتاح وقيم التسامح بينها بهدف التعاون لتحقيق التعايش المشترك.