هزت عودة المحقق العدلي في جريمة مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار «مضجع السلطة»، التي سارعت إلى تشغيل محركاتها التعطيلية لصد قراراته توطئة لإبطالها، إذ تشخص الأنظار إلى النيابة العامة التمييزية التي يُنتظر أن تحدد موقفها حيال الدراسة القانونية التي أعادت المحقق العدلي من زمن التعطيل، وقرارات إخلاء السبيل والادعاء التي سطّر بموجبها على شخصيات أمنية وقضائية وسياسية رفيعة المستوى قد يكون المساس بها تفجيراً جديداً لن تحمد عقباه، إذ برزت أسماء اللواءين طوني صليبا وعباس إبراهيم، ورئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي، وعضو المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي، والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، والقضاة غسان خوري وكارلا شواح وجاد معلوف. فعلى ماذا يستند البيطار في عودته بعيداً عن التعليل والاجتهاد والمسوغات القانونية؟ وهل هذه الاجتهادات القانونية تحظى بعلم مجلس القضاء الأعلى؟ ولماذا لم تكن تنفع في الزمن الذي كُفت فيه يده وعُطلت التحقيقات؟ الخبير القانوني المحامي الدكتور انطوان سعد، وصف في تعليق إلى «عكاظ»، المرحلة التي وصلنا إليها بأنها مرحلة لا عقاب ولا مساءلة ولا ملاحقات قضائية، متوقعاً الوصول إلى حالة أسوأ من التي نعيشها اليوم. ولفت إلى أن الاجتهاد القانوني الذي استند له القاضي البيطار بشكل عام هو نوع من التعليل، والذي سيضعنا أمام الموقف والموقف المقابل، وبالتالي مهما اجتهد سيكون هناك اجتهاد مضاد له، وفي الوقت نفسه إذا توقف عن مهمته سيبقى أهالي الضحايا أمام اللاعدالة وستعمم مسألة اللامساءلة. وأضاف أنه في ظل هذا النظام، أي بظل الاحتلال الإيراني، دائماً ستكون هناك فتاوى قانونية جاهزة لعرقلة القاضي البيطار، حتى لو وصل بهم الأمر إلى اغتياله لإعطاء رسالة لكل شخص يريد أن يفتح ملفاً قضائياً يطال مسؤولية بشار الأسد أو حسن نصرالله تحديداً. وتساءل: من الذي يجرؤ أن يضع السلاح أو مواد متفجرة من هذا النوع على مدى 7 سنوات في مرفق حيوي، إلا إذا كان أكبر من الدولة؟ وأكد الدكتور سعد، أن البيطار «محصن» لجهة أنه لا يمكن تنحيته، فلأن هذه المحكمة استثنائية وليس لها طريق للتنحي إلا أمام المجلس العدلي نفسه، وبالتالي فإن قرار تنحيته يكون كإخراج جسم من الأجسام المكونة لعمل المجلس العدلي، الذي هو جسم مستقل عن الحالة القضائية أو التسلسل القضائي. وفي حال عدم تنفيذ النيابة العامة التنفيذية قرارات البيطار، قال الخبير القانوني: لا أعلم إن كانت النيابة العامة التمييزية قادرة على تجاوز قرار إخلاءات السبيل، لأن الملف لم يعد يحتمل التوقيفات، خصوصاً الذين لا توجد مسببات لتوقيفهم، إضافة إلى أن هناك إجماعاً على أنه يجب إخلاء سبيلهم، والسؤال كيف لهذه السلطة أن تعطي ضوءاً أخضر لتنفيذ جزء من قرار البيطار وبنفس الوقت تتعامل معه وكأن يده مكفوفة عن التحقيق؟ هنا سنكون أمام المهزلة. وعن ادعاء البيطار على القاضي غسان عويدات، قال: «من يستطيع الكثير يستطيع القليل، بمعنى أنه إذا ادعى على نواب بالخدمة الفعلية باعتبار أن الحصانات تسقط هنا، فلن يقف في طريقه الادعاء على المدعي العام. لكن السؤال هو: من سينفذ كل قرارات التوقيف، خصوصاً أنها تطال شخصيات محسوبة على جهات سياسية. ولفت المحامي إلى أن البيطار يقوم بواجباته وليتحمل كل شخص المسؤولية إن لم يقم بواجبه، معتبراً أن الحالة الاهترائية القضائية لم تشهد مثيلاً لها خلال الحرب اللبنانية، وأن كل ما نشهده من اهتراء وفوضى في القضاء مخطط له من قبل المحتل الإيراني، لأنه بضرب القضاء تسقط الدول. يذكر أن البيطار حدد جلسات استجواب للمسؤولين المتهمين الشهر القادم، والتي جاءت على الشكل التالي: غازي زعيتر نهاد مشنوق يوم 6 فبراير، حسان دياب يوم 8، طوني صليبا، وعباس إبراهيم يوم 10، أسعد طفيلي وغراسيا قزي يوم 13 من نفس الشهر، جودت عويدات، وكميل ضاهر يوم 15، وجان قهوجي يوم 17، وغسان عويدات وغسان خوري يوم 20، وكارلا شواح وجاد معلوف يوم 22.