انطلقت من القصيم إلى الرياض ضيفاً على قناة فضائية، وأثناء تواجدي برياض الخير لبيت دعوة معرِّف فخذ السلمان من قبيلة شمر الشيخ فهد ابن عويشز الأسلمي الشمري، وما لفت انتباهي عند وصولي لبيته أنه مضاء المصابيح، ومكتظ بالناس في مجلس عزاء. عزيت الشيخ الأسلمي وسألته عن المتوفى، فقال إنه «والد سائقه الخاص الذي يعتبره مثل أبنائه، إذ أراد السائق استئجار استراحة لإقامة عزاء أبيه، فطلبت إقامته بلياليه الثلاث في منزلي، وأتكفل بطعام العشاء للمعزين، باعتباره واجباً وطنياً على أبناء وطننا المعطاء مع أشقاء من دول مجاورة، وقيادتنا الرشيدة في مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين يشجعان شعبهما على الترابط الأخوي مع أبناء الدول العربية والإسلامية». عزيت السائق «ياسر» بوفاة والده فبادرني بالقول: «هذه المكرمة من والدي الثاني الشيخ فهد الأسلمي لن أنساها أبداً، وسوف أواصل الدعاء لوالدي الذي توفي بالرحمة والمغفرة، ولوالدي الثاني الشيخ فهد بطول العُمُر الذي كثرت أفضاله عليّ، وسأكون مخلصاً له ما حييت». هذه الحادثة ذكَّرتني بوصية أعرابية لابنها: «يا بني، اعلم أنَّه من اعتقد الوفاء والسخاء، فقد استجاد الحُلة بربطتها وسربالها». فشكراً للشيخ فهد الأسلمي على هذا الوفاء وهذه المبادرة التي تدل على طيب معشره وحسن أخلاقه وتعامله الراقي مع من يعمل معه.