من العادات السنوية لأهالي «العُلا»؛ التواجد تحت ظلال معلم «الطنطورة»، ذلك الشاخص الذي يُسترشد بظله عند توزيع حصص المياه على المزارعين، وفق الإلمام والعدل المتوافر لدى «المقومي»، وهو الشخص القائم على توزيع حصص الماء بحسب استحقاقات كل مزارع، أما الشخص الآخر الذي يعهد إليه تنفيذ خطة «المقومي» اليومية فيسمى «المعلم». هذا الإرث التاريخي عبَّر عنه التربوي والإعلامي محمد القاضي في قصيدته البديعة «تحفة الأثر»: طنطورتي ما أنت كوم حجارة بل أنت علم في ثرى يهناها قد حدد الأجداد نهج مسيرهم بالعدل ارساء يطول مداها هي تحفة التاريخ في وادي العلا بالعلم شيدت والفصول رؤاها. **** واعتاد أهالي «العُلا» على امتداد التاريخ أن يتجمع كثير منهم كل عام لمعاينة دخول «المربعانية» الشتوية (22 ديسمبر) للاحتفاء بها.. وعلى ضوء دخول «المربعانية»؛ تتحدد زراعة القمح والشعير وحتى آخر يوم من أيامها، وإلا فإن الزرع بعد خروجها لن يؤتي أكله. والمتتبع لاحتفالية «المربعانية» التي تنفذها سنوياً الهيئة الملكية لمحافظة العُلا بمشاركة الأهالي؛ يلاحظ تَنامي الفعاليات عاماً بعد آخر، إذ أضيفت بعض البرامج الخلَّابة، مثل: وجود فرقة عالمية من فرق «الأوكسترا»، وبما تؤديه الفرق الشعبية من أهازيج منها لعبة «الزير» و«العرضة»، مما أكسب المناسبة مزيداً من البهاء والروعة والفخامة، بمشاركة مسؤولي الهيئة ووجهاء وأعيان وأهالي المحافظة، ومن خارجها. بذلك؛ تعرَّف جيل اليوم والمجتمع بشكل عام عن قرب على تلك المزولة الشمسية «الطنطورة»، والعمل الذي تقوم به، وكيف كان الآباء والأجداد قديماً يتعاملون معها في توزيع مياه العيون على مزارعهم بالتساوي، وكيفية ترقب موسم زراعة الحبوب (القمح، الشعير) ودخول مربعانية الشتاء. أخيراً.. أصبحت هذه الفعالية واحدة من أهم المناسبات السنوية في منظومة الفعاليات السياحية في المملكة عامة، وفعاليات «شتاء طنطورة» خصوصاً.