ذلك الحضن الثاني المحتضن النشء، ليس مكاناً للتعليم فحسب، بل مركز حياة اجتماعية متكامل، لبناء شخصية سوية متزنة ذات فكر معتدل، وممارسات إيجابية، وقيم نبيلة، وطموحات عالية، وتعاون بناء، وتسامح كريم، وفيها يتخرج أمناء العقول، وقادة المستقبل.. بل هي قلب الجسم التربوي النابض بالحياة، والتفاعلات الصحية القادرة على قيادة رسالة التربية والتعليم قيادة راشدة، ورئة المجتمع التي تنقيه من الشوائب فتبقي على ما ينفع، وتطرد ما يضر، ليعيش ما شاء الله له أن يعيش بحياة هانئة، سليمة من الأمراض. دورها كبير، ومهمتها عظيمة، وحتى تؤديه بكفاءة عالية وإتقان تام؛ أرى وجوب تهيئة بيئتها (بيئات التعلم، الصالات والغرف المساندة، المصلى، والملاعب)، تهيئة تعينها على أداء رسالتها، وتمكينها من القيام بدورها المهم في التربية والتعليم، وتوثيق العلاقة بينها وبين الأسرة، واختيار قيادتها ممن استجمع معايير «القوي الأمين»، وإعطاءها مساحة واسعة من الصلاحيات، مع توفير التدريب المستمر لقيادتها ومعلميها، ودعمها فكرياً ومعنوياً ومالياً، وتقويم أدائها لتطويره، وقيادته نحو الإتقان، والإبداع، والابتكار، ومعالجة مشكلاتها، أو ما يحدث من قصور في الأداء بحكمة تحفظ لكل ذي حق حقه، مع احترامٍ لهيبتها، وتقديرٍ لمكانتها الاجتماعية، فهي جديرة بذلك لتكون واحة فواحة تنشر شذاها عطراً بين ربوع المجتمع، وحديقة غناء بأطايب الزهور والمنتوجات، ومنجماً لأنفس المعادن وأنفعها، فهي مهد التعليم والتربية، والعناية بها اعتناء بالعلم وطلابه، وتمام ذلك الاعتناء بالمجتمع ليكون قوياً مهاباً، وذا كفاءة داخلية تقف سداً منيعاً أمام محاولات التفريط والإفراط، وحارساً قوياً أميناً لحماية سور التربية من التسلق أو الاختراق.