العلاقات في بيئة العمل ليست سهلة.. وليست مثالية في أساسها.. بل معقدة ومتضاربة.. فهي في جوهرها ترجمة حرفية لمعادلة: السلطة والنفوذ. هذه المعادلة الصعبة اجتهدت الدراسات العالمية في حلها.. وبعد عقود من التنظير والتطبيق، توصلت للحل الأمثل لها: بناء الفريق؛ أي تحويل الموظفين من مجموعات عمل إلى فريق.. فروح الفريق -بالتجربة العملية- تتغلب على أصعب العقبات في أي بيئة عمل. من خلال متابعة الدراسات والأبحاث المتعلقة بصناعة الفريق؛ تظهر قيمة ثقافية تعمل كعنصر مشترك بينها.. ولا يمكن تحويل المجموعة إلى فريق دونها.. قيمة (الشفافية). ففي حين أن معادلة السلطة والنفوذ تفرز سلوكيات سلبية: كتجنب النقد -حتى لو كان بصيغة إيجابية-، وإخفاء الحقيقة -سلبية وإيجابية-، والخوف من اتخاذ القرار.. إضافة إلى إخفاء المعرفة وأسرار العمل عن بقية الأعضاء.. تأتي (الشفافية) لتذيب تلك السلوكيات وتحل المعادلة الصعبة. اجتهاد الباحثين ليس فلسفياً.. فالواقع يثبت أن: المنشآت التي تضم أفضل الموظفين وأكثرهم خبرةً وشغفاً.. تتراجع بخجل أمام المنافس الذي يتمتع بروح الفريق حتى لو كان أقل خبرةً وشغفاً. في مشوار صناعة الفريق، من المهم تشجيع الأعضاء على الإفصاح عن مشاعرهم، والتعبير عن نجاحاتهم وإخفاقاتهم ونقاط قوتهم وضعفهم.. فهذه هي الآلية الصحيحة لفهم طريقة الوصول للهدف الأساس الذي يوحد الروح: (لماذا نحن هنا؟).. كما أن التعبير عن المشاعر يرفع بشكل مذهل قيمة الولاء للمنشأة ذاتها.. وهذا (منتج واضح لقيمة الشفافية). التعبير المفتوح هو الأرضية الخصبة للإبداع. فحرية التعبير تعني الخروج عن المألوف والتفكير خارج الصندوق.. بمعناه الصحيح. ففي حين أن تحجيم الآراء وإملاء التوجهات من مصدر واحد مصيره نضوب الإبداع، الإفصاح يعني تعدد الآراء وفتح باب تبادل الأفكار.. وازدهار الإبداع والابتكار. (منتج آخر لقيمة الشفافية). الشفافية هي فلسفة مشاركة المعلومات بحرية؛ سواء التحدث عن المعوقات والتحديات والصعوبات.. أو التحدث عن تطوير آليات العمل.. أو مجرد فضفضة عن إزعاجات العمل.. كلها في النهاية تؤدي لتمهيد الطريق أمام صناعة روح الفريق.. وتحسين الأداء وزيادة الإنتاجية. من الأساليب الفعالة لصناعة الفريق أسلوب عقد اجتماعات ولقاءات متخصصة ليس لمناقشة العمل.. بل لمناقشة الأهداف الفردية لأعضاء الفريق ومعرفة توجهاتهم الذاتية وطموحاتهم.. فهذه الاجتماعات مصدر مهم لتكوين الفريق.. حيث يتحدث كل عضو عن أهدافه الشخصية وكيفية تحقيقها.. وبالتالي حين تتشارك المجموعة في مناقشة الأهداف الفردية، تميل لاستخدامها واستثمارها وتوفيقها -ذاتياً- في خدمة الهدف الأكبر للمنشأة.. حيث يتحقق الهدف النهائي (لماذا نحن هنا؟) دون إهمال لأهداف الأعضاء الذاتية (لماذا أنا هنا؟). مرة أخرى، صناعة الفريق ليست مهمة صعبة لو استطاعت المنشأة تبني قيمة الشفافية كأساس يقوي ويدعم بناء الفريق.