هل نتفق أولا أن كرة القدم ظالمة لا عادلة، لها أوجه متعددة أكثرها بشاعة هو ذاك الوجه الذي يتراقص معك متبسما طيلة 90 دقيقة وفي لحظة ينقلب كأنه لم يعرفك؟ إذا اتفقنا على ذلك فإنه من الواجب علينا أن نتعلم الدرس كجمهور عاشق لهذه الفاتنة اللعوب ثم نمضي قدما نفكر في التعامل معها وفق «كتالوج» اللعبة دون زيادة أو نقصان «تكتيك يعني تكتيك»، فهذا ظلمها وبشاعتها وقسوتها مدخل عشقها ومطاردتها، إنها ترقص على المتناقضات وتلعب على التضاد. الليلة أمام المكسيك سيلعب الأخضر كجملة لا مفككة ككلمة متوحدة مترابطة مجوَّدة باسم المنتخب السعودي لا نعرف ما هي أسماء أندية اللاعبين ولا شعاراتهم، فقط رقم ولون جوازه الأخضر «هويته» الذي يشبه شعار بلده، هكذا بُنيت علاقتنا مع قوافل العز التي تخرج من الرياض لتعود مكللة بالفخر والاعتزاز، وبالذات إذا كان الحديث عن السعودية العظمى. ستكون واحدة من أصعب المباريات فيها المنتخب المكسيكي مطالب بأن يرمي كل أوراقه فهو لا يملك ما يخسره، وهنا مكمن الفرصة التي ستمنحنا مدخلا إلى ملعبه وطريقا إلى مرماه، لكنه لن يفعل ذلك مبكرا، سينتظر أول ربع ساعة ثم يبدأ بالهجوم، وهذا لعمري أفضل سيناريو سيسهم في نثر الورود على بوابات التأهل فيما لو حدث، أما لو كان صبورا ويلعب لأجل ربع ساعة أخيرة فهنا تكمن صعوبة المباراة لأننا لن ننتظر بكل هذه الروح وهذا الحماس كل هذا الوقت، حيث سنهجم ثم يتربص بنا كما فعل المنتخب البولندي. كرة القدم عبارة عن قصة في أفكار المدربين تكتبها أقدام اللاعبين، قصة خيالية أحيانا لأنك ترى ما لا يراه البعض أو يرى البعض ما لا تراه، لكنها في النهاية قصة جميلة بكل مرارتها وجميلة أيضا بكل حلاوتها، فمن منكم كان يعتقد بعد الإطاحة بميسي ورفاقه سيفوز علينا ليفاندفوسكي بمنتخبه الجامد المتصلب، لكنها هي اللعبة. الليلة نحتاج تقسيم المباراة على أجزاء، فليس كل هجمة مرتدة، وليس كل لعبة سريعة ما لم يكن الفريق المقابل يندفع إلى الأمام، فكرة القدم والمعارك كلاهما يقومان على «الكر والفر» وهو ما أعنيه هنا بالتكتيك حتى نزف التباريك.