الأسرة؛ اللبنة الأهم في بناء المجتمع، والمكوِّن الأساس للنسيج المجتمعي، والمحضن الأول الذي يستقبل النشء، وفيه ينمو ويتعلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه)، صحيح البخاري، 1358.. ومن قصيدة أبو العلاء المعري: وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه إذن؛ فالأسرة هي مناط صلاح المجتمع، وقوته، وسمو قيمه، وخط الدفاع الأول لمقاومة الغزو الفكري والثقافي، وحماية النشء من الانحرافات الفكرية والإلحادية، بل هي صمام أمان لحياة إنسانية كريمة، وقد أدرك أصحاب المخططات التخريبية التي تتلبس بالأقنعة الإصلاحية الخادعة، عظم أهمية الأسرة، ومكانتها السامية في التربية والإصلاح، فأخذوا يسعون بقوة لإفسادها، وشرعوا في تفكيكها، لتعيش الشعوب في تبعية مذلة، وضعف دائم، ولتكون غنيمة سهلة، ولقمة سائغة متى ما أرادوا الإغارة عليها. فكان لزاماً على المجتمعات بكل مكوناتها بوجه عام، وعلى الأبوين بوجه خاص، مواجهة هذا الزحف المقصود، صيانة للأسرة من التصدع، وحماية لنظامها المستمد من الكتاب والسنة، من الاختراق والانحراف، وضماناً لقوة المجتمعات ونمائها، وذلك بشعور الأبوين بمسؤوليتهما تجاه أولادهما، وتجاه المجتمع، وبتعريف الأسرة بدورها الأهم في التربية، والتهذيب، والتأديب، وإشراكها في العمليات التربوية والتعليمية، وبناء المناهج، وإعلاء شأنها لتقوم بدورها الريادي في بناء المجتمع، وتنشئة أبنائه على العقيدة الصحيحة، والآداب السامية، والقيم النبيلة، ولتكون نواة صالحة في جسد مجتمعي صالح، ذي كفاءة داخلية عالية المناعة، تتكسر عليها كل محاولات الإفساد، والإفراط، والتفريط، وقد قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)، أي خياراً عدولاً.