التغيّر المناخي على رأس التحديات التي تواجه العالم اليوم، وآثاره السلبية لا تتوقف عند البيئة والتصحر والعواصف الرملية، أو شح الموارد المائية وارتفاع درجات الحرارة، ولكنها تمتد إلى التنمية والاقتصاد والأمن في أي مجتمع؛ باعتبار أن المناخ مؤثر في عملية الإنتاج، والعمل، والمعيشة والصحة، وحتى الحالة النفسية والمزاجية للإنسان. النسخة الثانية من قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر في شرم الشيخ بمصر برئاسة مشتركة بين سمو ولي العهد والرئيس المصري؛ هي امتداد للنسخة الأولى للقمة التي استضافتها الرياض في أكتوبر من العام المنصرم، حيث بات واضحاً التصميم العربي والدولي على أهمية حماية كوكب الأرض من أي مهددات مناخية متطرفة، وتوحيد الجهود التي تقودها المملكة لبناء مستقبل أكثر استدامة للعالم أجمع، من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة التشجير، والاعتماد على الطاقة النظيفة. في كلمة سمو ولي العهد في قمة شرم الشيخ، تأكيد على ثلاث ركائز إستراتيجية في التعامل مع ظاهرة التغيّر المناخي؛ أولها استمرار التعاون الإقليمي والدولي في إطار الاتفاقيات المعلنة، وثانيها المستهدفات السعودية المتحققة في مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وثالثها الالتزام السعودي بالعمل مع دول المنطقة في الوصول إلى الأهداف المناخية العالمية، كما أكد سمو ولي العهد على أن المملكة داعم رئيسي ومحوري في جهود الاستدامة الدولية، من خلال استضافة مقر الأمانة العامة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر، وتوفير مبلغ 2.5 مليار دولار لمشروعات المبادرة. اللافت في كلمة سمو ولي العهد حديثه عن مستقبل الأجيال القادمة والتنمية المستدامة، والحلول التي تعمل عليها المملكة في الحدّ من انبعاثات الكربون، واستهداف صندوق الاستثمارات العامة للوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث تعزز تلك الجهود من مواقف المملكة المعلنة والثابتة لتكون نموذجاً عالمياً لمكافحة التغيّر المناخي. المملكة بقيادة سمو ولي العهد تقود في هذه المرحلة تحالفاً إقليمياً ودولياً لتحويل تحديات المناخ إلى فرص من العمل المشترك، ومن ذلك ما تضمنته مبادرة الشرق الأوسط الأخضر من خلق مصارف كربونية جديدة، واستعادة وحماية مساحات شاسعة من الأراضي بزراعة 50 مليار شجرة، وتنفيذ 30 مبادرة لدعم الاقتصاد الدائري للكربون؛ بهدف تعزيز العمل المناخي وتعزيز النمو الاقتصادي معاً، وتوفير فرص العمل لما يُعرف بالاقتصاد الأخضر، وتمكين المواطنين والقطاع الخاص من المساهمة الطموحة في حماية المناخ.