إنه استدعاء فحسب لمرض جنون البقر، الذي أرعب العالم قبل نحو عقدين، ومقارنته بما توصل إليه باحثون في جامعة واشنطن الطبية بسانت لويس، الذين خلصت دراساتهم إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بمرض كوفيد-19، الناجم عن الإصابة بفايروس كورونا الجديد، يواجهون مخاطر جمّة من الإصابة بأمراض عصبية في غضون سنة من إصابتهم بكوفيد-19. وتشمل تلك الحالات عدم تناسق في الحركة، ومشكلات في التذكر، وجلطات، وتشنجات، ومخاطر أخرى تشمل الاكتئاب، والقلق الشديد، وصداع الشقيقة. وخلص الباحثون إلى أن دماغ الشخص المصاب بكوفيد-19 يواجه بصفة خاصة مخاطر من قبيل التقلصات اللاإرادية في العضلات، ونوبات الصرع، وخلل السمع والإبصار، وعدم التوازن، وأعراضاً أخرى أشبه بالشلل الرعاش (مرض باركنسون). وقال المشرف على فريق البحث اختصاصي المكافحة السريرية للأمراض المُعدية في جامعة واشنطن الدكتور زياد العلي، إن الدراسة، التي نشرتها مجلة «نايتشر الطبية»، في عددها الصادر في 22 سبتمبر الجاري، تعتبر أشمل تقويم للتبعات العصبية المترتبة عن الإصابة بفايروس كوفيد-19. وأضاف أن ما سبقها من دراسات مماثلة اقتصر على بحث محدود للتبعات العصبية على مرضى كورونا المنومين في المستشفيات. وزاد: قمنا بدراسة أدمغة 44 شخصاً، إلى جانب أنواع الخلل العصبي الأخرى لدى مصابين منومين وغير منومين في المستشفيات؛ بينهم مرضى كانوا في غرف العناية المكثفة. وقال العلي، إن نتائج الدراسة أظهرت تأثيرات مدمرة على المدى الطويل لكوفيد-19. وتمسك بأنها جزء لا تمكن تجزئته مما يعرف ب«كوفيد المزمن». وأوضح أن فايروس كورونا الجديد ليس حميداً كما يعتقد كثيرون، يرون أنه ينتهي بتعافي من أصيب به. وأشار إلى أن كوفيد-19 ساهم مساهمة كبيرة في أكثر من 40 مليون إصابة جديدة بأمراض الأعصاب في أنحاء العالم. وهي أمراض عادة ما تكون نادرة عند الإصابة بأي مرض آخر، باستثناء كوفيد-19. وزاد: أضحينا نرى أمراضاً في الدماغ لدى أشخاص كانوا أصحاء تماماً قبل إصابتهم بكوفيد-19. وأكد أن المسألة لا يهم فيها إن كان المصاب شاباً أو مسناً، رجلاً أو امرأة، ينتمي إلى هذا العرق أو ذاك، مدخناً أم غير مدخن، أو إذا كان مصاباً أو غير مصاب بحالات مرضية مزمنة. وكانت قلة من الأشخاص الذين أخضعوا للدرس حاصلة على لقاحات كوفيد-19؛ إذ إن اللقاحات لم تكن متاحة خلال فترة الدراسة، التي امتدت من مارس 2020 إلى مطلع يوليو 2021. كما أن الدراسة أجريت قبل ظهور سلالتي دلتا وأوميكرون، وبقية السلالات الفايروسية الأخرى. وكانت مجلة «نايتشر الطبية» نشرت دراسة أخرى، ترأس فريقها الدكتور العلي، خلصت إلى أن لقاحات كوفيد-19 قلصت بشكل طفيف، لا يتعدى نحو 20%، مخاطر الإصابة بمشكلات في الدماغ. وقال العلي، بحسب «نيويورك تايمز»: من المؤكد أن التطعيم ضروري. ولكن من المهم أن تدرك أن اللقاحات لا توفر حماية كاملة ضد الاضطرابات العصبية على المدى البعيد. وانطوت الدراسة على مراجعة نحو 14 مليون سجل طبي في قاعدة بيانات تخص وزارة قدامى المحاربين الأمريكية، التي تمتلك أكبر منظومة صحية في الولاياتالمتحدة. وينتمي المرضى إلى جميع الفئات السنية، وجميع الأعراق. ومن تلك السجلات قام الباحثون باستخلاص قاعدة بيانات محدودة تتكون من 154 ألف شخص تأكد تشخيص إصابتهم بكوفيد-19 خلال الفترة من 1 مارس 2020 إلى 15 يناير 2021، وكتبت لهم النجاة من براثن كوفيد-19 خلال الأيام ال 30 الأولى من الإصابة. وتمت مقارنة تلك المجموعة ب 5.6 مليون شخص لم يصب أي منهم بكوفيد-19 خلال الفترة نفسها. وخلص البحث إلى أن المصابين بكوفيد-19 تعرض 7% منهم لأمراض عصبية خلال السنة الأولى من تعافيهم، مقارنة بالذين لم يتعرضوا للإصابة. وباستخدام النماذج الحسابية فإن تلك النسبة تعادل نحو 6.6 مليون شخص أصيبوا بخلل في الأعصاب والدماغ، جراء إصابتهم بالفايروس. ومن أكثر الإفرازات شيوعاً مشكلات الذاكرة، التي تسمى في العامية الأمريكية والبريطانية «الضباب الدماغي» (Brain Fog). وأشارت نتائج الدراسة إلى أن من أصيبوا بكوفيد-19 معرضون للإصابة بالضباب الدماغي بنسبة 77% أكثر ممن لم يتعرضوا للإصابة. كما لاحظ الباحثون أن من أصيبوا بالفايروس يواجهون احتمالات أكبر للإصابة بمرض ألزهايمر. ويذكر أن الدكتور زياد العلي أجرى دراسات عدة في مرض كوفيد المزمن. كما أجرى دراسات أخرى عن تأثيرات كوفيد-19 على صحة القلب، والكلى، والصحة العقلية. للمرة الثانية.. إصابة رئيس فايزر ! أعلن الرئيس التنفيذي لشركة فايزر الدوائية العملاقة ألبرت بورلا، السبت، أنه أصيب بفايروس كورونا الجديد للمرة الثانية خلال أقل من شهرين! وقال، في تغريدة على حسابه الشخصي بموقع تويتر: «فيما أحرزنا تقدماً كبيراً، إلا أن الفايروس لا يزال باقياً معنا». وكان بورلا أصيب بالفايروس في منتصف أغسطس الماضي. لكنه قال، إن إصابته هذه المرة غير مصحوبة بأي أعراض. وأضاف أنه لم يحصل بعد على الجرعة التنشيطية الجديدة الخاصة بصد كوفيد-19، إذ إنه يتبع الضوابط التي حددتها المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها. وتشير تلك الضوابط المنشورة على موقع المراكز الأمريكية للحد من الأمراض إلى أنه يمكن للشخص أن يؤجل الجرعة التنشيطية الثانية لنحو ثلاثة أشهر، بعد تعافيه من آخر إصابة له بالفايروس. ويشار إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، كان أعلن أخيراً أن الوباء العالمي انتهى. وهو تصريح سرعان ما قوبل بعاصفة من الانتقادات. واضطر ذلك بايدن ليردف تصريحه بإيضاح ذهب فيه إلى أنه قصد القول إن الوباء العالمي لم يعد بالسوء الذي كان عليه ذات يوم. ويصل عدد الإصابات الجديدة في الولاياتالمتحدة حالياً إلى ما متوسطه 53 ألف إصابة جديدة يومياً، إضافة إلى ما لا يقل عن 350 وفاة يومياً نتيجة الإصابة بالفايروس، بحسب إحصاءات المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها.