الرئيس التونسي خلال استقباله الأمير عبدالعزيز بن سعود ووزراء الداخلية العرب يثمن الجهود المستمرة لتحقيق التكامل الأمني    سليمان محمد السليم... في ذمة االه    صدور موافقة خادم الحرمين على تنفيذ برنامج هدية التمور في 102 دولة    2 % معدل التضخم في المملكة.. ضمن الأقل بين دول «G20»    إطلاق خدمة تفعيل نظام دخول الشاحنات للشرقية بمواعيد إلكترونية    الرياض: ضبط 3 وافدات مارسن سلوكاً منافياً للآداب    الطرق تبدأ استخدام معدة المسح التصويري الرقمي المتحرك    ارتفاع عدد قتلى تدافع بمحطة قطارات نيودلهي ‬إلى 18 على الأقل    إسرائيل تنتهك الهدنة.. 3 قتلى من رجال الشرطة في رفح    أمير نجران يكرّم مدير فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة سابقاً    رينارد يستدعي «سعود» لمواجهتي الصين واليابان    وزير المالية: استخدام كل دولار بفعالية يوفر تريليون دولار عالمياً    بريطانيا تعجل بنشر استراتيجية لتعزيز قطاع الصلب بسبب رسوم جمركية أمريكية    مي كساب: تأجيل عرض «نون النسوة» إلى بعد رمضان    الكرملين: واشنطن وموسكو تركزان على السلام    آل الشيخ: نعتزُّ بموقف السعودية الثابت والمشرف من القضية الفلسطينية    انطلاق اختبارات الفصل الدراسي الثاني في مدارس تعليم الرياض    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير روسيا الاتحادية لدى المملكة    أمين مجلس التعاون يؤكّد على أهمية ضمان حرية الملاحة البحرية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتأمين سلاسل الإمداد البحري    جمعية الذوق العام تنظم مبادرة "ضبط اسلوبك" ضمن برنامج التسوق    السعودية تعرب عن دعمها الكامل للإجراءات التي اتخذها لبنان لمواجهة محاولات العبث بأمن مواطنيه    قبيلة "القصادة" تحتفل بزواج الشاب سفر قصادي    "كبدك" تقدم الرعاية لأكثر من 50 مستفيدًا    الذكاء الاصطناعي ودور المترجم البشري    أمطار رعدية وسيول في عدة مناطق    قمة «IAAPA» في الرياض.. مركز عالمي للوجهات الترفيهية    مرموش.. صاحب أسرع هاترك عربي في البريميرليج    الجبير: التحديات البيئية والتغير المناخي يؤثران على جميع نواحي الحياة بما فيها الأمن والاستقرار العالمي    جدد رفضه المطلق للتهجير.. الرئيس الفلسطيني أمام القمة الإفريقية: تحقيق الأمن الدولي يتطلب دعم مؤتمر السلام برئاسة السعودية    وزير الرياضة يتوّج «رولاند» بلقب الجولة الرابعة من سباق جدة    الأرصاد: الأجواء معتدلة في رمضان    23 ألف مخالف في قبضة الأمن خلال أسبوع    في ختام الجولة 20 من دوري روشن.. الاتحاد يعزز صدارته ل " روشن" برباعية الوحدة    رسميا.. الهلال يطالب بحكام من النخبة لإدارة مبارياته    عدم تعمد الإضرار بطبيعة المنطقة والحياة البرية.. ضوابط جديدة للتنزه في منطقة الصمان    استمع إلى شرح موجز عن عملهما.. وزير الداخلية يزور» الحماية المدنية» و» العمليات الأمنية» الإيطالية    قائمة المدعوين ل«الحوار السوري» تثير الجدل    «نبتة مصاص الدماء» تزهر في روسيا    فحص يتنبأ بخطر السرطان بدقة 90%    جبال السعودية حصن فلسطين    فجوة الحافلات    «ليب».. أحلام تتحقق    تآلف الفكر ووحدة المجتمع    السعودية بوصلة الأمن والاستثمار    تحول الإعلانات إلى قوة ناعمة    تكساس تشهد أسوأ تفش للحصبة    "أبواب الشرقية" إرث ثقافي يوقظ تاريخ الحرف اليدوية    843 منافس في مسابقة شاعر الابداع بعنيزة    عبدالعزيز بن سعود يزور وكالة الحماية المدنية الإيطالية    قصة الدواء السحري    احتمالات اصطدام الكويكب 2024 YR4    عيد الحب: احتفاء بالمعنى الأزلي للحب    قصة نجاة في الصحراء !    بينالي الفنون الإسلامية    الحيوانات تمرض نفسيا وعقليا    مفتاح حل المشاكل    عبدالعزيز بن سعود يزور وحدة العمليات الأمنية المركزية الإيطالية    أمير الباحة يعزّي الزهراني بوفاة ابنه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم الوطني درس في ثمار الوحدة والتكامل
نشر في عكاظ يوم 21 - 09 - 2022

يحتفل السعوديون في 23 سبتمبر من كل عام باليوم الوطني، لتخليد ذكرى إعادة توحيد الوطن قبل تسعين عاماً، والتضحيات التي قدمها جيل المؤسس، فبين تحرير الرياض في عام 1902 وإعلان الوحدة في عام 1932، قاد الملك عبدالعزيز رجالاً تحدوا الصعاب لتحقيق حلم الوحدة الذي كان صعب المنال، فتمكن من تحويل مجموعة كبيرة من المناطق المتنازعة والقبائل المتحاربة إلى وطن واحد عظيم، في أكثر من سبعين بالمئة من أراضي الجزيرة العربية، بعد قرون من التمزق والتشتت.
وهي مناسبة لاستذكار الدروس من تلك التجربة الفريدة، فقد حقق المؤسس حلمه بالوحدة بإمكانات مادية متواضعة في المال والعتاد، فالنفط لم يُكتشف إلا في عام 1938، بعد إعلان الوحدة بست سنوات، ولم يُسهم في خزينة الدولة بشيء يُذكر إلا بعد الحرب العالمية الثانية أي بعد نحو 14 عاماً من توحيد المملكة. ففي عام 1932، لم تتجاوز ميزانية المملكة الوليدة 15 مليون ريال فقط. قارن ذلك بميزانية المملكة اليوم التي تبلغ نحو تريليون ريال، أو أكثر من 60 ألف ضعف تلك الميزانية المتواضعة التي صنعت المعجزات منذ تسعين عاماً.
ومنذ إعلان الوحدة في عام 1932، تحولت هذه البلاد من مكان مغمور محدود الموارد يغلب عليه الفقر مقارنة بجيرانه، إلى عملاق سياسي واقتصادي هو الأكبر في المنطقة، ومن ضمن أغنى عشرين دولة عالمياً.
وبالإضافة إلى النمو الاقتصادي المُذهل خلال العقود التسعة، تحسنت مؤشرات التنمية الرئيسية على نحو غير مسبوق في هذه البلاد، فارتفع عمر الفرد المتوقع عند الولادة من أقل من 40 سنة في 1932 إلى أكثر من 75 سنة اليوم، بسبب تحسن الخدمات الصحية وانخفاض وفيات المواليد والأطفال دون الخامسة والأمهات. وبالمثل انخفض معدل الأمية من نحو 90 بالمئة في عام 1932 إلى أقل من 3 بالمئة في الوقت الحاضر.
أما التحول في الأمن الداخلي فهو أحد أهم إنجازات الملك عبدالعزيز. فقبل توحيد المملكة، كان من الصعب التنقل بين أرجاء الجزيرة العربية أو التجارة بين مناطقها بل كان السفر لأداء الحج والعمرة يحفه المخاطر بسبب التناحر بين أمراء المناطق والقبائل وقتها وانتشار الجريمة وقطع الطرق.
وكان نجاح الملك عبدالعزيز باهراً على وجه الخصوص على الرغم من محاولات الدولة العثمانية وأد حركته الوحدوية، إذ كان العثمانيون يسيطرون على الساحلين الشرقي والغربي للجزيرة العربية، ويحتفظون بحاميات عسكرية ومناطق نفوذ في أماكن أخرى من الجزيرة العربية. ففي قلب البلاد، مثلاً، كان لهم وكلاء محليون يدينون للباب العالي بالولاء وتستخدمهم إسطنبول للقضاء على أي محاولات للاستقلال. فالعاصمة الرياض مثلاً كان يحكمها أحد أولئك الوكلاء، الذين استطاع الملك عبدالعزيز هزيمته في عام 1902 لدى فتح الرياض وبدء عملية التحرير والتوحيد.
بريطانيا العظمى أيضاً كانت تنظر بالريبة إلى حركة عبدالعزيز، إذ كان لها تواجد ملحوظ في عدن والجنوب العربي والخليج ومصر، وبعد الحرب العالمية الأولى أصبح لها نفوذ قوي في العراق والأردن وفلسطين، فحاولت أن تحصن مناطق نفوذها ضد الروح الجديدة التي دبت في قلب الجزيرة، واستخدمت قوتها الضاربة وسلاح طيرانها بعض الأحيان لقمع الحركة الجديدة.
وبحكمة نادرة ودهاء سياسي عميق، تجنب الملك عبدالعزيز المواجهات المباشرة قدر الإمكان مع العثمانيين والبريطانيين، مفضلاً التركيز على مشروعه الوحدوي واسترجاع إرث أسرته ومجدها. فقد أسس أجداده إمارتهم في عام 1727م في بلدة الدرعية، وهي يومها قرية صغيرة زراعية، على ضفاف وادي حنيفة. وخلال عقود معدودة تمكنوا من مد سُلطانها إلى معظم أنحاء الجزيرة العربية، إلى أن أرسل العثمانيون وكلاءهم للقضاء على الدولة الوليدة وتدمير عاصمتها الدرعية في عام 1818م، بعد معارك طاحنة. وتبع سقوط الدرعية محاولات لاستعادة بناء الدولة السعودية، ولكن معارضة الدولة العثمانية كانت حجر عثرة، إلى أن تمكن أحد وكلائها من اجتياح الرياض في عام 1890م، مما دفع حاكمها الإمام عبدالرحمن إلى الخروج مع أسرته، ومن ضمنهم ابنه عبدالعزيز وكان وقتها فتى في الرابعة عشرة من عمره، شاهداً على الحدث الذي ترك أثراً عميقاً في نفسه وتصميماً على استرجاع إرث أبيه.
ولهذا أصبحت عودة الملك عبدالعزيز ظافراً إلى الرياض في عام 1902، بعد 12 عاماً من خروجه منها، أسطورة يتناقلها الآباء والأبناء، إذ تمكن بجيش صغير من الرجال من استعادة العاصمة وإخراج آخر وكيل للدولة العثمانية منها. ومنها انطلق مشروع التوحيد الذي اكتمل بإعلان المملكة العربية السعودية في 23 سبتمبر 1932، وتحقيق التكامل بين أرجائها وإنهاء فترة طالت من الانقسام والتشرذم وانعدام الأمن وتنامي النفوذ الأجنبي.
والاحتفاء باليوم الوطني فرصة للأسر السعودية لاستنباط العبر من تلك البطولات وتلقينها لأبنائها. فثمة ثلاثة دروس على الأقل تستمد من توحيد المملكة. أولها، انتصار الإرادة على القوة، فقد نجح عبدالعزيز على الرغم من أن خصومه كانوا أكثر عدداً وعدة ومالاً، في حين كان هو مدفوعاً بعزيمة وتصميم أكثر أهمية من تلك الفروق المادية. خسر عدداً من المعارك، وفقد بعض أهم أنصاره، وتعرض لإصابات جسدية جسيمة، ولكنه تمكن بعد كل جولة خاسرة من إعادة توحيد صفوفه والانطلاق إلى هدفه التالي.
والدرس الثاني أن عبدالعزيز لم يكن يعتمد على القوة فقط ككثير من معاصريه، بل كان دبلوماسياً حريصاً على التوافق وتحويل خصومه إلى أنصار، والعفو عند المقدرة، وربما عفا عن الخصم عدة مرات على الرغم من خياناته المتكررة. وفي ذلك حكمة.
وربما كان أهم الدروس هو إدراك ثمرات الوحدة والتكامل، فكبار السن على وجه الخصوص يستذكرون التحول الأمني الذي تحقق بقيام المملكة العربية السعودية، حين أصبح المسافر والتاجر والحاج والمعتمر يستطيعون التنقل بين جنباتها بحرية، بعد قرون من الخوف وانعدام الأمن. أما الشباب فإنهم يقطفون ثمار وحدة المملكة التي حققت معجزة اقتصادية خلال عقود محدودة، انتقلت بإحدى أكثر دول العالم فقراً إلى أحد أكبر الاقتصادات عالمياً، فارتفع حجم الاقتصاد السعودي من نحو 45 مليون ريال في 1932 إلى نحو أربعة تريليونات ريال اليوم.. رحلة استمرت تسعة عقود ولكنها ضاعفت الاقتصاد السعودي ثمانين ألف مرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.