بعد صدور نظام الأحوال الشخصية؛ حُسمت أمور كانت تعتمد سابقاً على اجتهاد القضاة، وأصبح المحامي يتصور بشكل كبير مصير القضية الموكلة إليه، والمستشار يقدم استشارته بتصور أوضح من خلال النصوص، مع أن النظام جاء مقرراً لغالب المعمول به سابقاً في القضاء، ولكن الفروقات كانت مؤثرة. ومن الفروقات بين المعمول به سابقاً ونصوص النظام، ترتيب أولوية استحقاق الحضانة؛ فسابقاً كانت الحضانة للأم ثم الجدة لأم ثم الجدة لأب...إلخ، أما الآن فنص النظام في المادة السابعة والعشرين بعد المائة على: اعتماد ترتيب الأم ثم الأب ثم الجدة لأم...إلخ. الموضوع الذي اختلف فيه كبار المتخصصين، ولاقى جدلاً واسعاً: هل الحضانة تسقط عن المرأة المتزوجة؟ فهي مسألة خلافية بين الفقهاء؛ منهم من يرى سقوطها لحديث الرسول (عليه الصلاة والسلام): «أنتِ أحق به ما لم تنكحي»، ومنهم من يرى بقاء الحضانة حتى بعد زواجها كابن القيم والسعدي، خاصة بأن الرسول (عليه الصلاة والسلام) قضى بابنة حمزة لخالتها المتزوجة، وكان غالب المعمول به قضاءً قبل صدور نظام الأحوال، بقاء الحضانة للمرأة المتزوجة باشتراط موافقة زوجها الجديد ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك، ثم جاءت المادة السادسة والعشرون بعد المائة ونصها: دون إخلال بما تضمنته المادة (الخامسة والعشرون بعد المائة) من هذا النظام، يتعين التقيد بالشروط الآتية: إذا كان الحاضن امرأة، فيجب أن تكون غير متزوجة برجل أجنبي عن المحضون، ما لم تقتض مصلحة المحضون خلاف ذلك. يبدو النص واضحاً للوهلة الأولى ويفهم منه سقوط الحضانة عن الأم المتزوجة وأن الأب أحق، ولكن عند قراءة السياق كاملاً، كيف لزوج الأم أن يكون أجنبياً عن المحضون؟، إذ رأى البعض أن الأجنبي هنا لا يُقصد به زوج الأم، بل قيل إن المادة نفسها لا تتحدث عن الأم إنما تتحدث عن حضانة «غير الوالدين» للمحضونين، ثم هل المصلحة المذكورة في النص هي ذات المصلحة التي جعلت معظم القضاة سابقاً يحكمون ببقاء الحضانة لدى الأم لكون جانب الأنثى مقدماً؟ أم مجرد زواجها يعد مسقطاً لها؟، تبدو المادة مرنة جداً، وتحتمل جميع هذه الأوجه، فهل اللائحة ستحسم هذا الجدل الواسع؟