حذَّر خبراء صحيون من أنه قد يستحيل القضاء على المخاوف من اندلاع تفشي فايروس جدري القرود، لأن معظم دول العالم النامية والفقيرة لا تملك دواء، ولا لقاحاً، على النقيض من الدول الغنية، كالولاياتالمتحدة، وبلدان الاتحاد الأوروبي. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس عن اختصاصي في مكافحة الأمراض المُعدية في عيادة مرضى النقص المكتسب في جهاز المناعة (الإيدز) في العاصمة البيروفية ليما قوله إنه ليس لديه ما يستطيع تقديمه إلى المصابين بجدري القرود الذين يزورون عيادته طلباً للعلاج. وأضاف الدكتور ألبرتو ميندوزا: لا نملك علاجاً ولا لقاحاً، على رغم أننا إحدى أكبر الدول الموبوءة من حيث عدد الإصابات بالنسبة إلى عدد السكان. وأوضح تقرير نشرته «التايمز» أن البرازيل المجاروة، التي تقول منظمة الصحة العالمية إن فيها ما يداني 10% من إصابات العالم بفايروس جدري القرود، لا تملك هي الأخرى دواء مضاداً للفايروس، ولا تملك لقاحاً. وهي الحال نفسها في بلدان غرب القارة الأفريقية ووسطها، التي ظلت تعاني من هذا الفايروس منذ عقود. ومثلما حدث مع لقاحات فايروس كوفيد-19، تكالبت الولاياتالمتحدة ودول القارة الأوروبية على شراء الكميات الضئيلة المنتجة أصلاً من لقاح جدري القرود، على رغم أن أكثر من 100 دولة أعلنت حتى الآن تسجيل إصابات بهذا الفايروس. وقد حال السعر الباهظ لذلك اللقاح دون تمكّن تلك الدول من اقتنائه، فضلاً عن أن الدول الغنية سارعت لشراء الجرعات القليلة المتاحة منه. وكانت الولاياتالمتحدة قامت بشراء معظم كميات هذا اللقاح، الذي تم تطويره أصلاً ضد الجدري العادي، باعتباره جزءاً من إستراتيجيتها لاستخدامه سلاحاً بيولوجياً في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001. وأنحى بعض الخبراء باللائمة على منظمة الصحة العالمية لعدم تحركها لضمان وصول عادل إلى اللقاحات، والعلاجات، والفحوص، بعدما أعلنت المنظمة جدري القرود حالة طوارئ صحية عمومية في 23 يوليو 2022، وخلصوا إلى أن الحال باتت أشبه تماماً بما شهده العالم مع تفشي إصابات فايروس كورونا الجديد، ولكن من دون ظهور الآليات التي اتبعت لمحاولة إصحاح الخلل الذي واكب حصول الدول الفقيرة على اللقاحات والأدوية المضادة للفايروسات عقب اندلاع نازلة كورونا. وأضاف الخبراء أنه تستحيل معرفة عدد المصابين بجدري القرود في الدول النامية، التي تفتقر أساساً إلى أجهزة فحص PCR التي تستخدم لتشخيص هذه الحالة. وعلى رغم أن تلك الدول تواجه تفشي فايروس جدري القرود منذ عقود، فهي تقوم بمعرفة ذلك التفشي على مستوى الرقابة فحسب؛ بقيامها باختبار عينة فقط من السكان لإيجاد نسبة عامة للإصابات. لذلك فإن معظم من يموتون بهذا الفايروس يوجدون في القارة السمراء، حيث يوجد نوعان من الفايروس؛ أحدهما قاتل، ويوجد في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ والآخر أقل قدرة على الفتك، ويوجد في أقطار غرب أفريقيا. وهذا النوع الأخير هو الشائع حالياً في البلدان الغنية. ومع أن الوفاة بجدري القرود نادرة؛ إلا أن خطرها كبير جداً على الأطفال والحوامل. وأدى اندلاع تفشي جدري القرود في الدول الغنية قبل نحو أربعة أشهر إلى تكالب تلك الدول على اللقاح الوحيد المتاح. ومما يتعين ذِكره أنه لا يوجد لقاح محدد لفايروس جدري القرود. والبيانات المتوافرة هي بيانات لتجارب أجريت على ثدييات مخبرية تشير إلى أن اللقاح الحالي المخصص أصلاً لمكافحة الجردي العادي قد تصلح لوقف تفشي فايروس جدري القرود. واللقاح الأكثر شيوعاً هو لقاح جينيوس المضاد للجدري العادي، الذي ابتكرته شركة بافاريان نورديك الدنماركية، الذي يعد الأقل مضاعفات ثانوية. وقد أنتجت شركة بافاريان نورديك نحو 16 مليون جرعة من لقاحها. وسارعت الولاياتالمتحدة لشراء ما هو متاح منها، والتعاقد مع الشركة لاقتناء ما تخطط الشركة لتصنيعه. وكانت الولاياتالمتحدة أسهمت بأكثر من مليار دولار لتطوير هذا اللقاح، باعتبار أنه يمثل إستراتيجيتها الدفاعية لمواجهة أي هجوم بيولوجي محتمل قد يستخدم فايروس الجدري ضد الولاياتالمتحدة، خصوصاً بعد مهاجمة مدنها الكبرى في أحداث سبتمبر 2001. وتم تخزين معظم تلك الكميات باعتبارها مخزوناً دفاعياً إستراتيجياً، ما أدى بدوره إلى إبطاء توزيعه عند اندلاع إصابات جدري القرود. وبقيت من تلك الكمية نحو مليون جرعة سارعت كندا وأستراليا والدول الأوروبية إلى التعاقد على شرائها. ولم تستطع أية دولة أفريقية شراء أي قدر من تلك الجرعات. وفيما بدأ الكونغو تجارب سريرية لاختبار اللقاح الدنماركي؛ قال المسؤولون الكونغوليون إنهم لا يملكون أي جرعات لتحصين الكوادر الصحية، ولا مخالطي المصابين. وتقول منظمات خيرية عاملة على توفير كميات كافية من لقاح بافاريان نورديك إن الشركة الدنماركية تبيع لقاحها للدول الغنية في مقابل 110 دولارات للجرعة الواحدة. وقال رئيس الشركة بول تشابلن إن السعر موحد في جميع الأسواق، ولا يتم تخفيضه إلا للدولة التي تطلب كميات كبيرة من اللقاح. ويقول مكتب ممثل منظمة الصحة العالمية في أمريكا اللاتينية إنه تمكن من تأمين كمية ضئيلة من لقاح بافاريان نورديك لدول المنطقة. وقالت وزارة الصحة البرازيلية إنها تتوقع أن تتسلم قريباً 50 ألف جرعة منه. إدانة ألماني قتل شخصاً.. بسبب «الكمامة»! ذكرت وكالة الأنباء الألمانية أمس، أن محكمة ألمانية أدانت مواطناً بقتل شخص آخر في حمأة نقاش في محطة لتعبئة الوقود بشأن عدم ارتداء الكمامة. وأصدرت المحكمة حكمها على المدان بالسَّجْن المؤبد. وكان القتل الذي وقع في مدينة إيدار-أوبرستاين (غرب ألمانيا) في 17 سبتمبر 2021 أحدث صدمة في أرجاء البلاد. وتمت إدانة الجاني البالغ من العمر 50 عاماً بحيازة سلاح ناري بشكل غير مشروع. وقالت السلطات إن المدان أبلغ المحققين بأنه تصرف بتلك الطريقة في سَوْرَةِ غضبٍ، بعدما رفض عامل محطة الوقود -البالغ من العمر 20 عاماً- خدمته بدعوى أنه لا يرتدي قناعاً للوجه (كمامة). وكانت الإجراءات الوقائية في ألمانيا تشمل آنذاك إلزامية ارتداء الكمامة لدخول المتاجر. وأشارت السلطات إلى أن الجاني غادر محطة الوقود بعد ذلك الرفض، لكنه عاد بعد نحو نصف ساعة ليطلق رصاصة على عامل المحطة في رأسه، ما أرداه قتيلاً. وعمد القاتل إلى الهروب. لكنه سلّم نفسه إلى الشرطة، إثر نشرها إعلانات على نطاق واسع للحصول على مساعدة الجمهور في القبض عليه. وسعى محامو الجاني إلى إقناع المحكمة بأنه ارتكب جريمته تحت وطأة المشروبات المُذهبة للعقل، ولا تمكن مساءلته جنائياً لهذا السبب. ولهذا طالبت بأن توجه إلى موكلها تهمة القتل غير العمد. وطالب محامو الاتهام المحكمة بتغليظ العقوبة على الجاني، بما في ذلك حرمانه من العفو بعد 15 سنة من عقوبة السجن المؤيد، لكن المحكمة اكتفت بمعاقبته بالسجن المؤبد من دون اشتراطات أخرى.